ونصب الإمام فيما يجب فيه كذلك، فثبت أن نصب الإمام ما دام التكليف باقيا واجب على الله تعالى، فهذا الدليل مبني على مقدمات، الأولى: إن نصب الإمام لطف في الواجبات وهذا بين وقد قررناه فيما مضى، الثانية:
إنه من فعل الله تعالى لأن الإمام يجب أن يكون معصوما فلا يمكن أن يكون نصبه من فعل غير الله لأن غير المطلع على السرائر لا يكون مطلعا على السرائر، فلا يقدر أن يميز الموصوف بامتناع وقوع المعصية عنه أو عن غيره حتى ينصبه إماما، الثالثة: إنه لا يقوم غيره مقامه وقد تقرر ذلك فيما مضى.
الرابعة: إن كل لطف شأنه ذلك فهو واجب على الله تعالى على ما قد بيناه في علم الكلام. الخامسة: إنه تعالى لا يخل بالواجبات (1) وهذا قد تقرر وبين في باب العدل.
الوجه الثاني: كل ما كان التكليف واجبا عليه تعالى، فنصب الإمام واجب عليه تعالى، لكن المقدم حق فالتالي مثله بيان الملازمة من وجوه، الأول: إنه لا يتم فائدته وغايته (2) إلا بنصب الإمام، فيكون أولى بالوجوب، الثاني: إنه إنما يجب التكليف السمعي لكونه لطفا في التكاليف العقلية، وهذا لطف في التكاليف السمعية واللطف في اللطف في الشئ لطف في ذلك الشئ أيضا فيجب، الثالث: إنما وجب التكليف لأنه خلق فيهم القوى الشهوية والغضبية، وخلق لهم قدرا (3) فوجب من حيث الحكمة التكليف، وإلا لزم الاختلال والفساد، وهذا بعينه آت في نصب الإمام ولا يتم إلا بنصب الإمام، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب فيكون نصب الإمام واجبا (4) على تقدير وجوب التكليف، وأما حقية المقدم فقد بين في