فقدمها سنة 38، ومعه جيش عظيم من أهل الشأم، فكان على دمشق يزيد بن أسد البجلي، وعلى أهل فلسطين شمير الخثعمي، وعلى أهل الأردن أبو الأعور السلمي، ومعاوية بن حديج الكندي على الخارجة، فلقيهم محمد بن أبي بكر بموضع يقال له المسناة، فحاربهم محاربة شديدة، وكان عمرو يقول:
ما رأيت مثل يوم المسناة، وقد كان محمد استذم إلى اليمانية، فمايل عمرو بن العاص اليمانية، فخلفوا محمد بن أبي بكر وحده، فجالد ساعة، ثم مضى فدخل منزل قوم خرابة، واتبعه ابن حديج الكندي، فأخذه وقتله، وأدخله جيفة حمار، وحرقه بالنار في زقاق يعرف بزقاق الحوف.
وبلغ عليا ضعف محمد بن أبي بكر وممالاة اليمانية معاوية وعمرو بن العاص فقال: ما أوتي محمد من حرض، ووجه مالك بن الحارث الأشتر إلى مصر قبل أن ينتهي إليه قتل محمد بن أبي بكر، وكتب إلى أهل مصر: إني بعثت إليكم سيفا من سيوف الله لا نابي الضربة، ولا كليل الحد، فإن استنفركم فانفروا، وإن أمركم بالمقام فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، وقد آثرتكم به على نفسي، فلما بلغ معاوية أن عليا قد وجه الأشتر عظم عليه، وعلم أن أهل اليمن أسرع إلى الأشتر منهم إلى كل أحد، فدس له سما، فلما صار إلى القلزم من الفسطاط على مرحلتين نزل منزل رجل من أهل المدينة يقال له.. 1.
فخدمه وقام بحوائجه، ثم أتاه بقعب فيه عسل قد صير فيه السم، فسقاه إياه، فمات الأشتر بالقلزم وبها قبره، وكان قتله وقتل محمد بن أبي بكر في سنة 38.
ولما بلغ عليا قتل محمد بن أبي بكر والأشتر جزع عليهما جزعا شديدا، وتفجع، وقال علي: على مثلك فلتبك البواكي يا مالك، وأنى مثل مالك؟
وذكر محمد بن أبي بكر، وتفجع عليه، وقال: إنه كان لي ولدا ولولدي وولد أخي أخا، وخرج الخريت بن راشد الناجي في جماعة من أصحابه، فجردوا السيوف بالكوفة، فقتلوا جماعة، وطلبهم الناس، فخرج الخريت