فانتضى سيفه وقال: والله لأقتلن دونهما فألاقي عذرا لي عند الله والناس، فضارب بسيفه حتى قتل، وخرجت نسوة من بني كنانة فقلن: يا بسر!
هذا، الرجال يقتلون، فما بال الولدان، والله ما كانت الجاهلية تقتلهم، والله إن سلطانا لا يشتد إلا بقتل الصبيان ورفع الرحمة لسلطان سوء. فقال بسر:
والله لقد هممت أن أضع فيكن السيف. وقدم الطفلين فذبحهما، فقالت أمهما ترثيهما:
ها من أحس بنيي اللذين هما * سمعي وقلبي فقلبي اليوم مختطف ها من أحس بنيي اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف ها من أحس بنيي اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا أنحى على ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الامر مقترف من دل والهة حرى وثاكلة * على صبيين ضلا إذ غدا السلف ثم جمع بسر أهل نجران فقال: يا إخوان النصارى! أما والذي لا إله غيره لئن بلغني عنكم أمر أكرهه لأكثرن قتلاكم. ثم سار نحو جيشان، وهم شيعة لعلي، فقاتلهم، فهزمهم، وقتل فيهم قتلا ذريعا، ثم رجع إلى صنعاء.
وسار جارية بن قدامة السعدي حتى أتى نجران وطلب بسرا، فهرب منه في الأرض، ولم يقم له، وقتل من أصحابه خلقا، وأتبعهم بقتل وأسر حتى بلغ مكة، ومر بسر حتى دخل الحجاز لا يلوي على شئ، فأخذ جارية بن قدامة أهل مكة بالبيعة، فقالوا: قد هلك علي فلمن نبايع؟ قال: لمن بايع له أصحاب علي بعده، فتثاقلوا، فقال: والله لتبايعن ولو بأستاهكم، فبايعوا ودخل المدينة، وقد اصطلحوا على أبي هريرة فصلى بهم ففر منه أبو هريرة، فقال جارية: يا أهل المدينة بايعوا للحسن بن علي! فبايعوا، ثم خرج يريد الكوفة،