قد أصيب منه طرف، وإلى الرجل الصالح بن عميش، فامنعوا حريمكم، وقاتلوا عدوكم. فردوا ردا ضعيفا، فقال: يا أهل العراق! وددت أن لي بكم بكل ثمانية منكم رجلا من أهل الشأم، وويل لهم قاتلوا مع تصبرهم على جور، ويحكم! اخرجوا معي، ثم فروا عني إن بدا لكم، فوالله إني لأرجو شهادة، وإنها لتدور على رأسي مع ما لي من الروح العظيم في ترك مداراتكم كما تدارى البكار الغمرة، أو الثياب المتهتكة، كلما حيصت من جانب تهتكت من جانب. فقام إليه حجر بن عدي الكندي فقال: يا أمير المؤمنين!
لا قرب الله مني إلى الجنة من لا يحب قربك، عليك بعادة الله عندك، فإن الحق منصور، والشهادة أفضل الرياحين، اندب معي الناس المناصحين، وكن لي فئة بكفايتك، والله فئة الانسان وأهله، إن الشيطان لا يفارق قلوب أكثر الناس حتى تفارق أرواحهم أبدانهم. فتهلل وأثنى على حجر جميلا، وقال: لا حرمك الله الشهادة، فإني أعلم أنك من رجالها.
وجلس علي في المسجد فندب الناس، وانتدب أربعة آلاف، فسار بهم في طلب القوم، وأغذ المسير حتى لقيهم بتدمر من عمل حمص، فقاتلهم فهزمهم، حتى انتهوا إلى الضحاك، وحجز بينهم الليل، فأدلج الضحاك على وجهه منصرفا، وشن حجر بن عدي، ومن معه الغارة في تلك البلاد يومين وليلتين، ثم أغار سفيان بن عوف على الأنبار، فقتل أشرس بن حسان البكري، فأتبعه علي سعيد بن قيس، فلما أحس به انصرف موليا، وتبعه سعيد إلى عانات، فلم يلحقه.
وبعث معاوية عبد الله بن مسعدة بن حذيفة بن بدر الفزاري في جريدة خيل، وأمره أن يقصد المدينة ومكة، فسار في ألف وسبعمائة، فلما أتى عليا الخبر وجه المسيب بن نجبة الفزاري، فقال له: يا مسيب! إنك ممن أثق بصلاحه وبأسه ونصيحته، فتوجه إلى هؤلاء القوم وأثر فيهم، وإن كانوا قومك.
فقال له المسيب: يا أمير المؤمنين! إن من سعادتي ان كنت من ثقاتك، فخرج