ولو نهاه عن القبض بعد الهبة لا يصح قبضه لا في المجلس ولا بعد الافتراق عن المجلس، وإن لم يأذن له بالقبض صريحا ولم ينهه عنه، إن قبضه في المجلس صح قبضه استحسانا لا قياسا، وإن قبضه بعد الافتراق عن المجلس لا يصح قبضه قياسا واستحسانا، ولو كان الموهوب غائبا فذهب وقبض، إن كان القبض بإذن الواهب جاز استحسانا لا قياسا، وإن كان بغير إذنه لا يجوز قياسا واستحسانا هكذا في الذخيرة.
لو وهب شيئا حاضرا من رجل فقال الموهوب له قبضته صار قابضا عند محمد رحمه الله تعالى خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى. كذا في السراجية.
وفي البقالي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى: إذ قال اقبضه فقال قبضت والموهوب حاضر جاز إذا لم يبرح الموهوب له قبل قوله قبضت، ولا يكفي قوله قبلت. وإذا لم يقل اقبضه فإنما القبض أن ينقله، فإذا لم يقل قبلت لم يجز وإن نقل إلا أن تكون الهبة بمسألته. كذا في المحيط.
ولو قال لرجل هب لي هذا العبد فقال وهبت تمت الهبة كذا في الينابيع انتهى، وتقدم الكلام عليه قريبا فلا تنسه. قوله: (والتمكن من القبض) أي العادي لا العقلي، وموضوع هذا فيما إذا قبض الموهوب له وغيره. وأما التمكن بالتخلية فقد ذكره بعد ط. قوله: (كالقبض) ولهذا قال في الاختيار:
ولو وهب من رجل ثوبا فقال قبضته صار قابضا عند أبي حنيفة وجعل تمكنه من القبض كالقبض كالتخلية في البيع. وقال أبو يوسف: لا بد من القبض بيده ا ه. بحر.
قال ابن الكمال: قبض كل شئ بما يناسبه، فقبض مفتاح الدار قبض لها، وقبض ما يحتمل القسمة يكون بها، وقبض ما لا يحتملها يكون بقبض كله ا ه.
قال في التتارخانية: قد ذكرنا أن الهبة لا تتم إلا بالقبض والقبض نوعان: حقيقي وأنه ظاهر.
وحكمي وذلك بالتخلية، وقد أشار في هذه المسألة أي مسألة التمكن من القبض قبض إلى القبض الحكمي وهو القبض بطريق التخلية، وهذا قول محمد خاصة. وعند أبي يوسف التخلية ليست بقبض، وهذا الخلاف في الهبة الصحيحة. فأما الهبة الفاسدة فالتخلية ليست بقبض اتفاقا ا ه. قوله:
(والمختار صحته) أي القبض بالتخلية ظاهرة وإن لم يقبضه الموهوب له، وهو خلاف ما في حاشية الشلبي عن شرح الأسبيجابي أنه إذا كان العبد حاضرا فقال الواهب قد خليت بينك وبين الهبة فاقبضها فانصرف الواهب فقبضه الموهوب له جاز، لان التخلية إقباض منه، فإذا قبضه بإذنه تم العقد أما البيع فينزل قابضا بمجرد التخلية وإن لم يباشر القبض.
والفرق أن القبض واجب عليه في البيع والبائع محتاج إلي إخراج نفسه من عهدة المبيع، فإذا أتى بما وسعه فقد برئ، وليس في وسعه إلا التخلية، وأما الهبة فإن التسليم ليس بواجب عليه فيها فإذا لم يسلمه إليه ويقبضه لا يعد مسلما ا ه بتصرف.
ونقل بعده عن المحيط ما نصه: ومن النوادر: رجل وهب من رجل ثوبا وهو حاضر فقال الموهوب له قبضته. قال أبو حنيفة: صار قابضا لأنه متمكن من قبضه فأقيم تمكنه مقام قبضه كالتخلية