به الثلاث فثلاث كما في أنت طالق وبائن كما قدمناه، ومثله قول العوام في زماننا أيضا، أنت طالق كلما أحلك شيخ حرمك شيخ، فإن مرادهم بالثاني تأبيد الحرمة، فهو بمنزلة قوله كلما حللت لي حرمت علي فكلما عقد عليها بانت منه إلا أن يريد بذلك الكلام الاخبار عن الطلاق المذكور دون إنشاء التحريم ودون جعل هذه الجملة صفة للطلاق المذكور فلا تحرم أبدا، لأنه إخبار بخلاف المشروع، لكن العامي لا يفهم ذلك، بل الظاهر أنه يريد إنشاء تأبيد الحرمة، فيما وقع في فتاوى الشيخ إسماعيل الحائك من وقوع الرجعي به فقط مرة واحدة غير ظاهر، فاغتنم تحرير هذا المحل فإنه مما يخفى. قوله: (بالتاء المثناة من فوق) الظاهر أنه قيد بذلك ليعلم بالأولى ما إذا قاله بالثاء المثلثة، وليفيد أن هذا التحريف هنا لا يضر، لان ذلك صار لغة عامية، وقد مر أن الطلاق يقع بالألفاظ المصحفة، فلا يرد ما اعترض به في الخيرية على المصنف من أن هذا ذهول منه، وأن المذكور في كلامهم ضبطه بالمثلثة، ولم نر أحدا ضبطه بالمثناة. وعبارة البحر: إلا أكثره بالثاء المثلثة فإنه يقع به الثلاث، ولا يدين إذا قال نويت واحدة. قوله: (ولا يدين في إرادة الواحدة) مفهومه أنه يدين في إرادة الثنتين. ووجهه أن أفعل التفضيل قد يراد به أصل الفعل: أي كثير الطلاق، فكان محتمل كلامه فيصدق ديانة اه ح. قلت: لكن يأتي ترجيح أن الكثير ثلاث لا اثنتان، وحينئذ فلا فرق بين أكثر وكثير، فافهم. قوله: (كما لو قال أكثر الطلاق) أي بالثاء المثلثة، وأشار به إلى ما قلنا من أن ضبطه بالمثناة ليس للاحتراز عن المثلثة. قوله: (أو أنت طالق مرارا) في البحر عن الجوهرة: لو قال أنت طالق مرارا تطلق ثلاثا إن كان مدخولا بلها، كذا في النهاية اه.
وذكر في البحر قبله بأكثر من ورقة عن البزازية: أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة اه. وما في البزازية ذكره في الذخيرة أيضا، وذكره الشارح آخر باب الايلاء.
أقول: ولا يخالف ما في الجوهرة، لان قوله ألف مرة بمنزلة تكريره مرارا متعددة، والواقع به في أول مرة طلاق بائن، ففي المرة الثانية لا يقع شئ، لان الباين لا يلحق البائن إذا أمكن جعل الثاني خبرا عن الأول، كما في أنت بائن أنت بائن كما يأتي بيانه في الكنايات، بخلاف ما إذا نوى الثلاث بأنت حرام أو بأنت بائن فإنه يصح، لان لفظ واحد صالح للبينونة الصغرى، والكبرى، وقوله أنت طالق مرارا بمنزلة تكرار هذا اللفظ ثلاث مرات فأكثر، والواقع بالأولى رجعي، وكذا بما بعدها إلى الثالثة لأنه صريح والصريح يلحق الصريح ما دامت في العدة، ولذا قيد بالمدخول بها، لان غيرها تبين بالمرة الأولى لا إلى عدة فلا يلحقها ما بعدها، فاغتنم تحرير هذا المقام فقد خفي على كثير من الافهام. قوله: (أو ألوفا) جمع ألف ح: أي فيقع به الثلاث ويلغو الزائد. قوله: (أو لا قليل الخ) عبارة الجوهرة: وإن قال أنت طالق لا قليل ولا كثير تقع ثلاثا هو المختار، لان القليل واحدة والكثير ثلاث، فإذا قال أولا لا قليل فقد قصد الثلاث ثم لا يعمل قوله ولا كثير بعد ذلك اه.
قلت: لكن في الخلاصة والبزازية يقع الثلاث في المختار. وقال الفقيه أبو جعفر: ثنتان في الأشبه اه. وذكر في الذخيرة أن الأول اختيار الصدر الشهيد وعلله بما مر