المراد بالوصف ما وصفها به في قوله يا زانية وهو القذف، فإذا انصرف الاستثناء إليه ينتفي الحد واللعان، لأنه لم يبق قذفا منجزا وتقع الثلاث لعدم تعلقها بالاستثناء، وهذا التقرير هو الموافق لما في شرحه على الملتقى، ولعبارة البزازية ونصها: أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله يقع، وصرف الاستثناء إلى الوصف، وكذا أنت طالق يا طالق إن شاء الله، وكذا أنت طالق يا خبيثة إن شاء الله يصرف الاستثناء إلى الكل ولا يقع الطلاق، كأنه قال يا فلانة، والأصل عنده أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يلزم به حد كقوله يا طالق يا زانية فلاستثناء على الوصف، وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق كقوله يا خبيثة فالاستثناء على الكل اه. لكن قوله: وكذا أنت طالق يا خبيثة صوابه: ولو قال أنت طالق يا خبيثة كما عير في الذخيرة وغيرها، لكنه تساهل لظهور المراد بذكر الأصل المذكور، وقوله: يقع: أي الطلاق دليل على أن المراد بالوصف القذف لا الطلاق، وإلا لم يصح قوله: وصرف الاستثناء إلى الوصف، وكذا ما قرره من الأصل. وأصرح منه قوله:
في الذخيرة وغيرها: فالاستثناء على الآخر وهو القذف ويقع الطلاق، فافهم.
ثم اعلم أن هذا الذي ذكره الشارح عن البزازية عزاه في الذخيرة إلى النوادر وهو ضعيف فقد ذكر الفارسي في شرح تلخيص الجامع أن قوله يا زانية إن تخلل بين الشرط والجزاء كأنت طالق يا زانية إن دخلت الدار أو بين الايجاب والاستثناء كأنت طالق يا زانية إن شاء الله لم يكن قذفا في الأصح، وإن تقدم عليهما أو تأخر عنهما كان قذفا في الحال. وعن أبي يوسف أن المتخلل لا يفصل، فلا يتعلق الطلاق بل يقع للحال ويجب اللعان. وعن محمد: يتعلق الطلاق ويجب اللعان.
وجه ظاهر الرواية أن يا زانية نداء للاعلام بما يراد به فلا يفصل، ويتعلق الطلاق بالشرط فيتعلق القذف أيضا، لأنه أقرب إلى الشرط اه ملخصا، فهذا تصريح بأن انصراف الاستثناء إلى الكل هو الأصح وظاهر الرواية، وصرح بذلك في الذخيرة أيضا، ومشى عليه الشارح في باب التعليق. قوله: (وقعن) جواب الشرط المقدر في قول المتن قال لزوجته وكان الأولى للشارح ذكره عقب قوله ثلاثا. قوله: (لما تقرر الخ) لان الواقع عند ذكر العدد مصدر موصوف بالعدد:
أي تطليقا ثلاثا فتصير الصيغة الموضوعة لانشاء الطلاق متوقفا حكمها عند ذكر العدد عليه. بحر.
قال في الفتح: وبه اندفع قول الحسن البصري وعطاء وجابر بن زيد: إنه يقع عليها واحدة لبينونتها ، ولا يؤثر العدد شيئا.
ونص محمد رحمه الله تعالى قال: وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا جميعا فقد خالف السنة وأثم، وإن دخل بها أو لم يدخل سواء، بلغنا ذلك عن رسول الله (ص) وعن عليا بن مسعود وابن عباس وغيرهم رضوان الله عليهم. قوله (وما قيل الخ) رد على ما نقله في شرح المجمع عن كتاب المشكلات وأقره عليه، حيث قال: وفي المشكلات من طلق امرأته الغير مدخول بها ثلاثا فله أن يتزوجها بلا تحليل، وأما قوله تعالى: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * (سورة البقرة: الآية 032) ففي حق المدخول بها اه.
ووجه الرد مخالف للمذهب: لأنه إما أن يريد عدم وقوع الثلاث عليها بل تقع واحدة كما هو قول الحسن وغيره وقد علمت رده، أو يريد أنه لا يقع شئ أصلا. وعبارة الشارح تحتمل