ثم ظهر له امرأة غيرها وأبرأته من مهرها، فأجاب فيها بأنه بائن، ورد على من أفتى بأنه رجعي.
قوله: (لكن في البزازية الخ) انتصار لذلك المفتي. ورده الخير الرملي في حواشي المنح بأن المعلق في حادثة التعاليق هو الطلاق الموصوف بالبينونة. في مسألة البزازية: المعلق وصف البينونة فقط، والموصوف لم يوجد بعد، فهو في مسألة التعاليق، كأنه قال: إن تزوجت عليك فأنت طالق بائنا ولا قائل بمنعه. تأمل اه.
والحاصل أنه في مسألة البزازية الأولى قد علقت الصفة وحدها على وجود الموصوف، والحكم في المعلق أنه لولا التعليق لوجد في الحال، ولا يمكن أن يوجد في الحال بينونة طلقة غير موجودة ولا كونها ثلاثا، لان الوصف لا يسبق موصوفه، وكذا في المسألة الثانية جعل الطلقة المعلقة بائنة أو ثلاثا قبل وجودها، فيلزم أيضا سبق الصفة موصوفها، فافهم. قوله: (ومفاده الخ) هذه عبارة المصنف في الكنايات مع بعض تغيير، وقد علمت الفرق بين المقيسة والمقيس عليها.
قوله: (مساواته لانت بائن) كان حق التعبير أن يقال: مساواته لهو بائن بناء على ما فهمه من أنه تعليق لوصف الطلاق فقط، وقد علمت عدم المساواة، نعم هو مساو لانت بائن على ما قاله صاحب البحر من أنه تعليق للموصوف وصفته معا فصار في معنى: متى تزوجت عليك فأنت بائن، فهذا نطق بالحق بلا قصد.
تتمة: يقع كثيرا في كلام العوام: أنت طالق تحلي للخنازير وتحرمي علي، وأفتى في الخيرية بأن رجعي، لان قوله وتحرمي علي أن كان للحال فخلاف المشروع، لأنها لا تحرم إلا بعد انقضاء العدة، وإن كان للاستقبال فصحيح ولا ينافي الرجعة، وكذلك أفتى بالرجعي في قولهم أنت طالق لا يردك قاض ولا عالم، لأنه لا يملك إخراجه عن موضوعه الشرعي. وأيده في حواشيه على المنح بما في الصيرفية: لو قال أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية، ولو قال على أن لا رجعة لي عليك فبائن اه. وقال: إن قولهم لا يردك قاض الخ مثل قوله ولا رجعة لي عليك، لأنه حذف الواو كإثباتها كما هو ظاهر، لا مثل على أن لا رجعة اه.
قلت: والفرق أن على أن لا رجعة قيد للطلاق لأنه شرط فيه، فهو في معنى أنت طالق طلاقا مشروطا فيه عدم الرجعة: أي طلاقا بائنا، فهو داخل تحت القاعدة من أنه إذا وصف الطلاق بضرب من الشدة والزيادة يقع به البائن كما مر عن الهداية. أما ولا رجعة لي عليك فليس صفة للطلاق، بل هو كلام مستأنف أخبر به عما هو خلاف الشرع فإن الشرع هو وقوع الرجعي بأنت طالق، فقوله ولا رجعة لغو، مثل قوله: أنت طالق وبائن أو ثم بائن بلا نية كما مر، وكذا قولهم لا يردك قاض الخ ليس صفة للطلاق، بل هو صفة للمرأة فلم يدخل تحت القاعدة المذكورة، ومثله تحلي للخنازير وتحرمي علي، وقد خفي ذلك على الرحمتي فجزم بأن هذا وما في الصيرفية من الفرق بين المسألتين مخالف للقاعدة المذكورة، نعم لو قصد بقوله وتحرمي علي إيقاع الطلاق وقع به أخرى بائنة ما لم ينو