واعترض بأنه ينبغي توقف الضم أيضا على النية، لأنه إذا لم ينتظر الآخر لم تكن مادة ط ل ق موجودة ولا ملاحظة فلم يكن صريحا، بخلاف الكسر على لغة من ينتظر اه.
قلت: قد يجاب بأن الضم في نداء الترخيم لما كان لغة ثابتة لم يخرج به اللفظ عن إرادة معناه المراد به قبل النداء، فإن كان من سمع اللفظ المرخم يعلم أن المراد به نداء تلك المادة، وأن انتظار المحذوف وعدمه أمر اعتباري قدروه ليبنوا عليه الضم والكسر، وإلا لزم أن يكون المنادى اسما آخر غير المقصود نداؤه، هذا ما ظهر لي، فتأمل. قوله: (أو أنت طال بالكسر) أي فإنه يقع بلا نية، بخلاف أنت طالق بحذف اللام فلا يقع، لان حذف آخر الكلام معتاد عرفا، تاترخانية.
قوله: (وإلا توقف على النية) أي وإن لم يكسر اللام في غير المنادى توقف الوقوع على نية الطلاق: أي أو ما في حكمها كالمذاكرة والغضب كما في الخانية.
وفي كنايات الفتح أن الوجه إطلاق التوقف على النية مطلقا لأنه بلا قاف ليس صريحا بالاتفاق لعدم غلبة الاستعمال ولا الترخيم لغة جائز في غير النداء، فانتفى لغة وعرفا، فيصدق قضاء مع اليمين، إلا عند الغضب أو مذاكرة الطلاق فيقع قضاء أسكنها أو لا، وتمامه فيه.
قلت: وما قدمناه آنفا عن التاترخانية من أن حذف آخر الكلام معتاد عرفا يفيد الجواب، فإن لفظ طالق صريح قطعا، فإذا كان حذف الآخر معتادا عرفا لم يخرجه عن صراحته، وقد عد حذف آخر الكلمة من محسنات الكلام، وعده أهل البديع من قسم الاكتفاء، ونظم فيه المولدون كثيرا، ومنه:
أين النجاة لعاشق أين النجا وأيضا فإن إبدال الآخر بحرق غيره كالألفاظ المصحفة المتقدمة لم يخرجه عن صراحته مع عدم غلبة الاستعمال فيها وما ذاك إلا لكونها أريد بها اللفظ الصريح وأن التصحيف عارض لجريانه على اللسان خطأ أو قصدا لكونه لغة التكلم وهذا ما ظهر لفهمي القاصر. قوله: (كما لو تهجى به أي فإنه يتوقف على النية، وقد مر بيانه، فافهم، قوله: (وفي النهر عن التصحيح الخ) أي تصحيح القدوري للعلامة قاسم وقصد به الرد على ما فهمه في البحر، من أن وهبتك طلاقك من الصريح، وكذا أودعتك ورهنتك.
قال في النهر: نقل في تصحيح القدوري عن قاضيخان: وهبتك طلاقك الصحيح فيه عدم الوقوع اه. ففي أودعتك ورهنتك بالأولى وسيأتي أن رهنتك كناية. وفي المحيط: لو قال رهنتك طلاقك قالوا لا يقع، لان الرهن لا يفيد زوال الملك اه.
قلت: ومقتضى كونه كناية أنه يقع بشرط النية، وقد عده في البكر في باب الكنايات منها، وكذا عد منها وهبتك طلاقك، وأودعتك طلاقك، وأقرضتك طلاقك وسيأتي تمامه هناك. قوله:
(كأنت طالق) وكذا لو أتى بالضمير الغائب أو اسم الإشارة العائد إليها أو باسمها العلمي ونحو ذلك، وأشار إلى أن المراد به ما يعبر به عن جملتها وضعا، والمراد بقوله: أو إلى ما يعبر به عنها