في الخانية ولو قال طلاقك علي ذكر في الأصل على وجه الاستشهاد فقال: ألا ترى أنه لو قال لله علي طلاق امرأتي لا يلزمه شئ؟ اه.
قلت: ومقتضاه أن علة عدم الوقوع في طلاقك على أنه صيغة نذر كقوله علي حجة فكأنه نذر أن يطلقها، النذر لا يكون إلا في عبادة مقصودة، والطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى فليس عبادة فلذا لم يلزمه شئ. قوله: (ولو زاد الخ) ظاهره أن قوله طلاقك علي بدون زيادة ليس فيه الخلاف المذكور، وهو المفهوم من الخانية والخلاصة أيضا، لكن نقل سيدي عبد الغني عن أدب القاضي للسرخسي: رجل قال لامرأته: طلاقك علي فرض ولازم، أو قال طلاقك علي فالصحيح أنه يقع في الكل، بخلاف العتق لأنه مما يجب فجعل إخبارا، ونقل مثله عن مختصر المحيط. قوله: (وقال الخاصي المختار نعم) عبارة فتوى الخاصي: قال لها: طلاقك علي واجب، أو قال وطلاقك لازم لي، يقع بلا نية عند أبي حنيفة، وهو المختار، وبه قال محمد بن مقاتل، وعليه الفتوى اه. وأنت خبير بأن لفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح. ونقل في الخانية عن الفقيه أبي جعفر أنه يقع في قوله واجب لتعارف الناس، لا في قوله ثابت أو فرض أو لازم لعدم التعارف، ومقتضاه الوقوع في قوله علي الطلاق لأنه المتعارف في زماننا كما علمت. وعلل الخاصي الوقوع بقوله: لان الطلاق لا يكون واجبا أو ثابتا بل حكمه، وحكمه لا يجب ولا يثبت إلا بعد الوقوع. قال في الفتح: وهذا يفيد أن ثبوته اقتضاء، ويتوقف على نيته إلا أن يظهر فيه عرف فاش فيصير صريحا فلا يصدق قضاء في صرفه عنه، وفيا بينه وبين الله تعالى إن قصده وقع، وإلا لا، فإنه قد يقال: هذا الامر علي واجب، بمعنى ينبغي أن أفعله، لا أني فعلته، فكأنه قال ينبغي أن أطلقك اه. قوله: (قال الكمال الحق نعم) نقله عنه في البحر والنهر، وأقراه عليه بعد حكايتهما الخلاف. ووجهه أنه يحتمل الدعاء فتوقف على النية.
وفي التاترخانية عن العتابية: المختار عدم توقفه عليها، وبه كان يفتى: ظهير الدين. قال المقدسي: ويقع في عصرنا نظير هذا، يطلب الرجل من المرأة فتقول أبرأك الله، وكانت حادثة الفتوى وكتبت بصحبتها لتعارفهم بذلك اه. قلت: ومثله في فتاوى قارئ الهداية والمنظومة المحبية، وسيأتي تمامه في الخلع. قوله: (كوني طالقا أو أطلقي) قال في الفتح عن محمد: إنه يقع لان كوني ليس أمرا حقيقة لعدم تصور كونها طالقا منها بل عبارة عن إثبات كونها طالقا كقوله تعالى:
* (كن فيكون) * (سورة آل عمران: الآية 74) ليس أمرا بل كناية عن التكوين، وكونها طالقا يقتضي إيقاعا قبل فيتضمن إيقاعا سابعا، وكذا قوله اطلقي، ومثله للأمة كوني حرة. قوله: (أو يا مطلقة) قدمنا أنه لو كان لها زوج طلقها قبل فقال أردت ذلك الطلاق صدق ديانة، وكذا قضاء في الصحيح. وفي التاترخانية عن المحيط قال: أنت طالق ثم قال يا مطلقة لا تقع أخرى. قوله: (بالتشديد) أي تشديد اللام، أما بتخفيفها فهو ملحق بالكناية كما قدمناه عن البحر. قوله: (وقع) أي من غير نية لأنه صريح. قوله:
(بكسر اللام وضمها) ذكر الضم بحث لصاحب النهر حيث قال: وينبغي أن يكون الضم كذلك، إذ هو لغة من لا ينتظر، بخلاف الفتح فإنه يتوقف على النية اه.