تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٧٦
سيده فمات منه وله ورثة غيره لا يقتص وإلا اقتص منه قال أحدكما حر فشجا فبين
____________________
النهاية: هذا بخلاف ظاهر الرواية لأنه ذكر في المبسوط ففي طرف المملوك تعتبر بأطراف الحر من الدية إلى آخره. فإن قيل: عند الإمام يدفع إليه العبد ويأخذ قيمته في قطع الأطراف فأي تقدير على قوله؟ فالجواب أن التقدير على قوله فيما إذا جنى عليه آخر بقطع يد أو رجل فسرى فيه إلى النفس أو فوت جنس المنفعة في عدم التقدير والدفع في غيره، وقيل يضمن في الأطراف بحسابه بالغة ما بلغت ولا ينقص منه شئ لأن الأطراف يسلك فيها مسلك الأموال، وهذا يؤدي إلى أمر شنيع وهو أن ما يجب في الأطراف أكثر مما يجب في النفوس بأن كانت قيمته مثلا مائة ألف فإنه بقطع يده يجب خمسون ألفا ويقتله يجب عشرة آلاف إلا عشرة.
قال رحمه الله: (قطع يد عبد فحرره سيده فمات منه وله ورثة غيره لا يقتص وإلا اقتص منه) وإنما لا يقتص في الأول لاشتباه من له الحق لأن القصاص يجب عند الموت مستند إلى وقت الجرح فعلى اعتبار حالة الجرح يكون الحق للمولى، وعلى اعتبار الحالة الثانية يكون للورثة فتحقق الاشتباه فتعذر فلا تجب على وجه يستوفي إذ الكلام فيما إذا كان للعبد ورثة أخرى سوى المولى واجتماعهما لا يزيل الاشتباه لأن الملك يثبت لكل واحد منهما في إحدى الحالتين، ولا يثبت على الدوام فيها فلا يكون الاجتماع مقيدا. ولا يقال يأذن كل واحد منهما لصاحبه لأن الاذن إنما يصح إذا كان الآذن يملك ذلك بخلاف العبد الموصى برقبته لرجل وبخدمته لآخر وكل واحد منهما دائم فصار بمنزلة الشريكين فيه فلا يفرد أحدهما دون الآخر لما فيه من إبطال حق الآخر فيتصل باجتماعهما للرضا ببطلان حقه. وأما في الثاني وهو ما إذا لم يكن له ورثة غير المولى فهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد رحمه الله: لا يجب القصاص فيه أيضا لأن سبب الولاية قد اختلف لأن الملك على اعتبار العتق والولاء على اعتبار حالة الموت فنزل اختلاف السبب منزلة اختلاف المستحق فيما لا يثبت مع الشبهة أو فيما يحتاط فيه فصار كما إذا قال لآخر بعتني هذه الجارية وقال لا بل زوجتها منك لا يحل له وطؤها لما قلنا بخلاف ما إذا أقر لرجل بألف درهم من القرض وقال المقر له من ثمن مبيع فإنه يقضي له عليه بألف وإن اختلف السبب لأن الأموال تثبت بالشبهة فلا يبالي باختلاف السبب عند اتحاد الحكم، ولان الاعتاق قاطع للسراية وبانقطاعها يبقى الجرح بلا سراية والسراية بلا قطع فيمتنع القصاص. ولهما أنهما تيقنا ثبوت الولاية للمولى فيستوفيه، وهذا لأن المقضى له معلوم والحكم متحد فأمكن الايجاب والاستيفاء لاتحاد المستوفي والمستوفي منه ولا معتبر باختلاف السبب بعد ذلك كمسألة الاقرار بخلاف الفصل الأول لأن المقضى له مجهول، وبخلاف مسألة الجارية لأن الحكم مختلف لأن ملك اليمين يغاير ملك النكاح في الحكم لأن النكاح يثبت الحل مقصودا وملك اليمين لا يثبته مقصودا
(١٧٦)
مفاتيح البحث: القصاص (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 165 167 172 176 177 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست