تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٧٤
والقيمة بعتقه ولا يضمن الرامي برجوع شاهد الرجم بعد الرمي وحل الصيد بردة الرامي لا بإسلامه ووجب الجزاء بحله لا بإحرامه.
____________________
للسراية ألا ترى أن من قطع يد عبد ثم عتقه مولاه ثم مات منه لا يجب عليه إلا أرش اليد مع النقصان الذي نقصه القطع إلى العتق وهو بنفس الرمي فصار جانيا عليه لأن يوجب النقصان. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الرمي يصير قاتلا له من وقت الرمي وهو مملوك في تلك الحالة بخلاف القطع والجرح لأن كل واحد منهما إتلاف لبعض المحل والاتلاف يوجب الضمان للمولى لأنه ورد على محل مملوك له، ثم إذا سرى لا يوجب شيئا لأنه لو أوجب شيئا لوجب للعبد لا للمولى لانقطاع حق المولى عنه وظهور حقه فيه فيصير النهاية مخافة للبداية فصار ذلك كتبدل المحل، وعند تبدل المحل لا تتبدل السراية فكذا هنا. أما الرمي فقبل الإصابة به ليس بإتلاف شئ منه لأنه لا أثر له في المحل وإنما قلت فيه الرغبات فلا يجب فيه الضمان قبل الاتصال بالمحل، وعند الاتصال بالمحل يستند الوجوب إلى وقت الانعقاد فلا تخالف النهاية البداية فتجب قيمته للولي. وقال زفر رحمه الله: عليه الدية لأن الرمي إنما صار علة عند الإصابة إذ الاتلاف لا يصير علة من غير تلف يتصل به وقت التلف المتلف حر فتجب ديته، وأبو يوسف مع أبي حنيفة فيه. والفرق له بين هذا وبين ما تقدم من مسألة الارتداد أنه اعترض على الرمي ما يوجب عصمة المحل فيما تقدم فحصل ذلك بمنزلة الابراء، أما هنا اعترض على الرمي بما يؤكد عصمة المحل وهو الاعتاق فلا تبطل به الجناية.
قال رحمه الله: (ولا يضمن الرامي برجوع شاهد الرجم بعد الرمي) معناه إذا قضي القاضي برجم رجل فرماه رجل ثم رجع أحد الشهود بعد الرمي قبل الإصابة ووقع عليه الحجر فلا شئ على الرامي لما أن المعتبر حالة الرمي وهو مباح الدم. قال رحمه الله: (وحل الصيد بردة الرامي لا بإسلامه) معناه إذا رمى مسلم صيدا فارتد قبل وقوع السهم بالصيد حل أكله، ولو رماه وهو مجوسي فأسلم قبل الوقوع لا يحل لأن المعتبر حالة الرمي في حق الحل والحرمة إذ الرمي هو الذكاة لأنه فعله ويدخل تحت قدرته لا الإصابة فتعتبر الأهلية وعدمها عنده. قال رحمه الله: (ووجب الجزاء بحله لا بإحرامه) أي لو رمى المحرم صيدا فحل قبل الإصابة ثم أصاب وجب عليه الجزاء، وإن رماه وهو حلال فأحرم قبل الإصابة فوقع الصيد وهو محرم لا يجب عليه الجزاء لأن الجزاء يجب بالتعدي وهو الرمي في حالة الاحرام ووجد ذلك في الأول دون الثاني، والأصل في مسائل هذا الكتاب أن يعتبر وقت الرمي بالاتفاق، وإنما عدل أبو يوسف ومحمد عن ذلك فيما إذا رمى إلى مسلم فارتد والعياذ بالله قبل الإصابة باعتبار أنه صار مبرئا له على ما بينا في أول هذا الفصل والله تعالى أعلم بالصواب.
(٧٤)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الصيد (1)، الرجم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 67 71 73 74 75 76 78 79 82 ... » »»
الفهرست