تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٦
الأب لا المحروم بالرق والقتل مباشرة واختلاف الدين أو الدار والكافر يرث بالنسب
____________________
قال رحمه الله: (لا المحروم بالرق والقتل مباشرة واختلاف الدين أو الدار) أي لا يحجب المحروم بهذه لأشياء أحدا وعند ابن مسعود يحجب حجب النقصان كنقص نصيب الزوجين والام بالولد المحروم بما ذكرنا لأن الله تعالى ذكر الولد مطلقا ونقص به نصيبهم من غير فصل بين أن يكون وارثا أو محروما، وكذا نقص نصيب الام بالاخوة مطلقا من غير فصل فيترك على إطلاقه ولا يحجب حجب الحرمان لأنه لو حجب هذا الحجب وهو لا يرث لأدى إلى دفعه إلى بيت المال مع وجود الوارث أو إلى تضييقه لأن بيت المال أيضا لا يرث مع الابن أو الاخوة.
وجه قول الجمهور أن المحروم في حق الإرث كالميت لأنه حرم لمعنى في نفسه كالميت، ثم إن الميت لا يحجب فكذا المحروم فصار كحجب الحرمان والنصوص التي توجب نقصان إرثهم لا نسلم أنها مطلقة لأن الله تعالى ذكر الأولاد أولا وأثبت لهم ميراثا ثم ذكر بعد ذلك حجب النقصان بهم فينصرف إلى المذكورين أولا وهم المتأهلون للإرث، وهذا لأن المحروم اتصلت به صفة تسلب أهلية الإرث فألحقه بالمعدوم ولا كذلك المحجوب فإنه أهل في نفسه إلا أن حاجبه عليه على إرثه لزيادة قربه فلا يبطل عمله في حق غيره. وإنما ذكر سبب الحرمان بقوله لا لمحروم بالرق الخ ليبين الأسباب المانعة من الإرث فإن الرق يمنع الإرث لأن الرقيق لا يملك شيئا قال الله تعالى * (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) * وقال صلى الله عليه وسلم لا يملك العبد إلا الطلاق ولا فرق في ذلك بين أن يكون قنا وهو الذي لم ينعقد له سبب الحرية أصلا.
وبين أن ينعقد له سبب الحرية كالمدبر والمكاتب وأم الولد ومعتق البعض عند أبي حنيفة لأن المعنى يشمل الكل وهو عدم تصور الملك لهم والمكاتب لا يملك الرقبة وهو عبد ما بقي عليه درهم على ما جاء في الخبر لا يكون أهلا للإرث. والقتل الذي يمنع الإرث هو الذي يتعلق به وجوب القصاص أو الكفارة وما لا يتق به واحد منهما كالقتل بسبب أو قصاص لا يوجب الحرمان لأن وجه الإرث عقوبة فتعلق بما تتعلق به العقوبة وهو القصاص والكفارة. والشافعي يعلقه بمطلق القتل حيث لا يرث عنده إذا قتله بقصاص أو رجم أو كان القريب قاضيا فحكم بذلك أو شاهدا فشهد به أو باغيا فقتله أو شهر عليه سيفا دفعا كل ذلك يمنع الإرث عنده، وهذا لا معنى له لأن القاتل أوجب عليه قتله أو جاز له قتله في هذه الصورة فكيف وجب عليه العقوبة بعد ذلك، ولهذا لا يتعلق بسائر القتل سائر العقوبات فكذا الحرمان. والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام ليس للقاتل شئ من الميراث هو القتل بالتعدي دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام ليس للقاتل ميراث بعد كصاحب البقرة أي قاتل هو كصاحب البقرة وهو كان متعديا. واحترز بقوله مباشرة عن القتل بالتسبب. واختلاف الدين أيضا يمنع الإرث والمراد به الاختلاف بين الاسلام والكفر بقوله صلى الله عليه وسلم لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وأما اختلاف ملل الكفار كالنصرانية واليهودية والمجوسية وعباد الوثن فلا يمنع الإرث حتى يجري الميراث بين اليهودي
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 383 385 386 387 391 395 396 397 ... » »»
الفهرست