تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٦
بدل الصلح شرطا إن كان دينا بدين وإلا لا أدعى رجل على صبي دار فصالحه أبوه على مال الصبي فإن كان للمدعي بينة جاز إن كان بمثل القيمة أو أكثر مما يتغابن الناس فيه وإن لم يكن للمدعي بينة أو كانت غير عادلة لا قال لا بينة فبرهن أو لا شهادة لي
____________________
وقع على دراهم عن دنانير أو على شئ آخر في الذمة لأنه متى وقع الصلح على غير ما يستحقه الدائن بعقد المداينة يحمل على المعاوضة صار صرفا أو بيعا، وفيه لا يجوز الافتراق عن الدين بالدين لنهيه عليه الصلاة والسلام عن الكالئ بالكالئ وقد بيناه من قبل في كتاب الصلح وغيره. قال رحمه الله: (وإلا لا) أي إن لم يكن دينا بدين لا يشترط قبضه لأن الصلح إذا وقع على عين متعينة لا يبقى دينا في الذمة فجاز الافتراق عنه وإن كان مال الربا كما وقع الصلح على شعير بعينه عن حنطة في الذمة وقد بيناه من قبل. قال رحمه الله: (أدعى رجل على صبي دار فصالحه أبوه على مال الصبي فإن كان للمدعي بينة جاز إن كان بمثل القيمة أو أكثر مما يتغابن الناس فيه) لأن للصبي فيه منفعة وهي سلامة العين له لأنه لو لم يصالح يستحقه المدعي فتنقد بالمثل وبقدر ما يتغابن فيه عادة لأنه لا يمكن التحرز عنه. قال رحمه الله: (وإن لم يكن للمدعي بينة أو كانت غير عادلة لا) يعني لا يصح لأنه يكون متبرعا بمال الصبي بالصلح لا مشتريا له لأنه لم يستحق المدعي شيئا من ماله لولا الصلح فلا منفعة للصبي في هذا الصلح بل فيه ضرر فلا يجوز لأن الولاية نظرية قال الله تعالى * (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) * وإن كان الأب هو المدعى للصغير ولا بينة يجوز كيفما كان لأنه لم يثبت للصبي فيما ادعاه الأب له ملك ولا معنى الملك وهو التمكن من الاخذ فكان محصلا له مالا من غير أن يخرج من ملك الصبي شيئا بمقابلته فكان نفعا محضا، فإن كان له بينة عادلة لا تجوز إلا بالمثل وبأقل لقدر ما يتغابن فيه لأنه صار في معنى الملك لتمكنه من الاخذ بالبينة العادلة، ووصي الأب في هذا كالأب لأنه قائم مقامة. قال رحمه الله: (قال لا بينة فبرهن أو لا شهادة لي فشهد تقبل) ومعنى الأول أن يقول المدعي ليس له بينة على دعواي هذا الحق ثم جاء بالبينة تقبل لأن التوفيق بينهما ممكن بأن كانت له بينة فنسي ثم ذكرها بعد ذلك أو كان لا يعلمها ثم علمها. وعن أبي حنيفة أنها لا تقبل لأنه أكذب بيتة. ومعنى الثاني أن يقول الشاهد لا شهادة لفلان عندي في حق له ثم يشهد له به تقبل شهادته، روي ذلك عن أبي حنيفة لأنه يحتمل أن تكون له شهادة قد نسيها أو لم يعلمها ثم علمها ولهذا لو قال لا أعلم لي حقا على فلان ثم أقام البينة أن له عليه حقا تقبل لامكان التوفيق بخلاف ما إذا قال ليس لي عليه حق ثم أدعى حقا حتى لا تسمع دعواه لأن المناقضة بين الاقرار والدعوى ثابتة فلا يمكن التوفيق بينهما، ونفي الحجة في هذا كنفي الشهادة لا كنفي الحق حتى إذا قال لا حجة لي على فلان ثم أتى بحجة تقبل لأنه يقول نسيت، ولو قال هذه الدار ليست لي أو قال ذلك العبد ثم أقام بينة أن الدار والعبد له تقبل ببينته لأنه لم يثبت
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست