تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٤
تسمع دعواه وهبت مهرها لزوجها فماتت فطالب ورثتها بمهرها وقالوا كانت الهبة في مرض موتها وقال بل في الصحة فالقول له أقر بدين أو غيره ثم قال كنت كاذبا فيما
____________________
غيره فلا يجوز لهم أن يشهدوا عليه مع الاحتمال إلا إذا كانوا دخلوا البيت وعلموا أن ليس فيه أحد سواهم ثم جلسوا على الباب وليس للبيت مسلك غيره ثم دخل رجل فسمعوا إقرار الداخل ولم يروه وقت الاقرار لأن العلم حصل لهم في هذه الصورة فجاز لهم أن يشهدوا عليه. قال رحمه الله: (باع عقارا وبعض أقاربه حاضر يعلم البيع ثم ادعى لا تسمع دعواه) أطلق القريب هنا وفي الفتاوي لأبي الليث عنه فقال: لو باع عقارا وابنه أو امرأته حاضرة تعلم به وتصرف المشتري فيه زمانا ثم ادعى الابن أنه ملكه ولم يكن ملك أبيه وقت البيع اتفق مشايخنا على أنه لاع مثل هذه الدعوة لأن حضوره عند البيع وتركه فيما يصنع إقرار منه بأنه ملك البائع وأنه لا حق له في المبيع وجعل سكوته في هذه الحالة كالافصاح بالاقرار قطعا للأطماع الفاسدة لأهل العصر في الاضرار بالناس، وتقييد القريب يقتضي جواز ذلك مع القريب. وقال في الخلاصة: والأصح أنها تسمع من القريب وغيره. وذكر في الهداية في كتاب الكفالة قبل الفصل في الضمان قال: ومن باع دارا وكفل عنه رجل بالدرك فهو تسليم لأن الكفالة لو كانت مشروطة فيه فتمامه بقبوله، ثم بالدعوى يسعى في نقض ما تم من جهته.
وإن لم تكن مشروطة فيه فالمراد بها أحكام البيع وترغب المشتري فيه إذ لا يرغب فيه بدون الكفالة فنزل منزلة الاقرار بملك البائع. ولو شهد وختم ولم يكفل لم يكن تسليما وهو على دعواه لأن الشهادة لا تكون مشروطة في البيع وليست بشرط فيه ولا هي بإقرار الملك لأن البيع مرة يوجد من المالك وتارة من غيره، ولعله كتب شهد بذلك فهو تسليم إلا إذا كتب الشهادة على إقرار المتعاقدين. ولو باع ضيعة ثم ادعى أنها وقف عليه وعلى أولاده لا تسمع دعواه للتناقض لأن إقدامه على البيع إقرار منه، وإذا أراد تحليف المدعى عليه ليس له ذلك، وإن أقام البينة على ذلك قيل تقبل لأن الشهادة على الوقف تقبل من غير دعوى لأنها من باب الحسبة فإذا قبلت انتقض البيع، وقيل لا تقبل وهو أصوب وأحوط لأنه بإقامة البينة أن الضيعة وقف عليه يدعي فساد البيع وحقا لنفسه فلا تقبل للتناقض. وقال في الجامع الصغير: إذا بيع متاع إنسان بين يديه وهو ينظر لا يصح لأنه سكوت يحتمل الرضا والسخط. وقال ابن أبي ليلى: سكوته يكون إجازة منه للبيع. وفي جامع الفصولين: والصحيح أن سكوته لا يكون تسليما لاحتمال أنه إنما سكت لغيبة شهوده أو لأن القاضي لو خاصم عنده لا يقضي له لما علم من حال القاضي. قال رحمه الله: (وهبت مهرها لزوجها فماتت فطالب ورثتها بمهرها وقالوا كانت الهبة في مرض موتها وقال بل في الصحة فالقول له) أي للزوج، والقياس أن يكون القول للورثة لأن الهبة حادثة والحوادث تضاف إلى أقرب الأوقات. ووجه الاستحسان اتفقوا على سقوط المهر عن الزوج لأن الهبة في مرض الموت تفيد الملك وإن كانت للوارث ألا ترى أن المريض إذا
(٣٥٤)
مفاتيح البحث: الزوج، الزواج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست