تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٤
وشراء وقود لا في حد غنم مذبوحة وميتة فإن كانت المذبوحة أكثر تحري وأكل وإلا لا
____________________
فيه معنى العوضية لأن شرع جابرا فجاز أن يثبت مع الشبهة كسائر المعاوضات التي هي حق العبد بخلاف الحدود الخالصة لله تعالى فشرعت زواجر وليس فيها معنى العوضية فلا تثبت مع الشبهة لعدم الحاجة. أقول: فيه بحث. أما الأول فلان ما ذكر ههنا من جواز ثبوت القصاص مع الشبهة مخالف لما صرح به فيما مر في عدة مواضع منها كتاب الكافلة فإنه قال فيه: ولا تجوز الكافلة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة لأن مبنى الكل على الدرء فلا يجب فيها الاستيثاق، ومنها كتاب الشهادات فإنه قال فيه: ولا تقبل في الحدود والقصاص شهادة النساء لأن شبهة البدلية لقيامها مقام شهادة الرجال فلا تقبل فيما يندرئ بالشبهات.
ثم قال في باب الشهادة: الشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا يسقط بالشبهة ولا تقبل فيما يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص. ومنها كتاب الوكالة حيث قال فيه: وتجوز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق. وكذا بإيفائها واستيفائها إلا في الحدود والقصاص فإن الوكالة لا تصح باستيفائها مع غيبة الموكل عن المجلس لأنها تدرأ بالشبهات، وكذا في كتاب الدعوى. ومنها كتاب الجنايات فإنه صرح فيه في مواضع كثيرة منه بعدم ثبوت القصاص بالشبهة بل جعلها أصلا مؤثر في سقوط القصاص وفرغ عليه كثيرا من مسائل سقوط القصاص بتحقق نوع من الشبهة في كل واحد منها كما لا يخفي على الناظر في تمام ذلك الكتاب. وأما ثانيا فلان قيد الخالصة في قوله أما الحدود الخالصة لله تعالى فشرعت زواجر مستدرك فإن حد القذف غير خالص لله تعالى بل فيه حق الله تعالى وحق العبد مقدم كما صرحوا به على أنه زاجر لا يثبت بالشبهة، ولا تكون إشارة الأخرس حجة فيه أيضا كما صرحوا به لا يثبت بالشبهة فيما مر آنفا فلا يتم التفريق بالنظر إليه. وقول المؤلف الإشارة والكتابة كالبيان دلت هذه المسألة على أن الإشارة معتبرة وإن كان قادرا على الكتابة لأنه جمع بينهما فقال أشار وكتب. قال صاحب العناية: ولنا في دعوى الجمع بينهما نظر لأنه قال في الجامع الصغير: وإذا كان الأخرس يكتب أو يومئ وكلمة أو لاحد الشيئين لا للجمع على أنا نقول قال في الأصل: وإن كان الأخرس لا يكتب وكانت له إشارة تعرف في نكاحه وطلاقه وشرائه وبيعه فهو جائز. ويعلم من إشارة رواية الأصل أن الإشارة من الأخرس لا تعتبر مع القدرة على الكتابة لأنه تبين حكم إشارة الأخرس بشرط أن لا يكتب فافهم إلى هنا. قال رحمه الله: (لا في حد) يعني إشارته لا تكون كالبيان في الحدود لأنها تندرئ بالشبهة لكونها حق الله تعالى فلا حاجة إلى إثباتها، ولعله كان مصدقا للقاذف إن قذف هو فلا يتيقن بطلبه الحد، وإن كان هو القاذف فقذفه ليس بصريح والحد لا يجب إلا بالقذف بصريح الزنا، وفي القصاص اعتبر طلبه لأن حق العبد، وهذا لأن الحد لا يثبت ببيان فيه شبهة ألا ترى أن
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 334 335 337 342 344 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست