تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٣
القاضي إذا قضى القاضي في حادثة ببينة ثم قال رجعت عن قضايي أو بدا لي غير ذلك أو وقعت في تلبيس الشهود أو أبطلت حكمي ونحو ذلك لا يعتبر والقضاء ماض إن كان بعد دعوى صحيحه وشهادة مستقيمة خبا قوما ثم سأل رجلا عن شيء فأقر به وهم يرونه ويسمعون كلامه وهو لا يراهم جازت شهادتهم عليه بذلك الإقرار وإن سمعوا كلامه ولم يروه لا باع عقارا وبعض أقاربه حاضر يعلم البيع ثم ادعى لا
____________________
وقيل يعتبر الأهل حتى لا ينفذ قضاؤه في غير ذلك على قول من اعتبر المكان ولا في غير ذلك الأهل على قول من اعتبر الأهل. وإن خرج القاضي مع الخليفة من المصر قضى، وإن خرج وحده لم يجز قضاؤه، وهذا ينبغي أن يكون على قول من اعتبر المكان لأن القضاء من أعلام الدين فيكون المصر شرطا فيه كالجمعة والعيدين. وعن أبي يوسف أن المصر ليس بشرط فيه وإليه أشار محمد في كتاب أدب القاضي فقال: إن المصر ليس بشرط لنفوذ القضاء. وفي الخلاصة: والصحيح أن المعتبر الأهل لا المكان حتى لو قضى على الأهل والعقار في غير ولايته نفذ وعليه عمل القضاة الآن. قال رحمه الله: (إذا قضى القاضي في حادثة ببينة ثم قال رجعت عن قضائي أو بدا لي غير ذلك أو وقعت في تلبيس الشهود أو أبطلت حكمي ونحو ذلك لا يعتبر والقضاء ماض إن كان بعد دعوى صحيحه وشهادة مستقيمة) لأن رواية الأول قد ترجح بالقضاء فلا ينقض باجتهاد مثله ولا يملك الرجوع عنه ولا إبطاله لأنه تعلق به حق الغير وهو المدعي ألا ترى أن الشهادة لما اتصلت بالقضاء لا يصح رجوعه ولا يملك إبطالها لما ذكرنا فكذا القضاء. وقال الشعبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بالقضاء ثم ينزل القرآن بعد ذلك بخلافه فلا يرد قضاءه. وقال صاحب المحيط: وهذا يدل على أن القاضي إذا قضى باجتهاد في حادثة لا نص فيها ثم تحول عن رأيه فإنه يقضي في المستقبل بما هو أحسن عنده ولا ينقض القضاء الذي قضاه بالرأي لأنه لم ينقض بالقرآن بعده فهذا أولى بخلاف ما إذا قضى باجتهاده في حادثة ثم تبين نص بخلافه فإنه ينقض ذلك القضاء، والفرق أن القاضي حال ما قضى باجتهاده فالنص الذي هو مخالف لاجتهاده كان موجودا منزلا إلا أنه خفي عليه وكان الاجتهاد في محل النص فلا يصح النبأ حال ما قضى باجتهاده كان الاجتهاد في محل لا نص فيه فصح وصار ذلك شريعة له فإذا نزل القرآن بخلافه صار ناسخا لتلك الشريعة.
قال رحمه الله: (خبأ قوما ثم سأل رجلا عن شئ فأقر به وهم يرونه ويسمون كلامه وهو لا يراهم جازت شهادتهم عليه بذلك الاقرار) لأن الاقرار موجب بنفسه وقد علموه وهو يكفي في أداء الشهادة. قال الله تعالى * (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) * وقال عليه الصلاة والسلام إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع قال رحمه الله: (وإن سمعوا كلامه ولم يروه لا) أي لا تجوز شهادتهم لأن النغمة تشبه النغمة فيحتمل أن يكون المقر
(٣٥٣)
مفاتيح البحث: البيع (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست