تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٥
يبدأ من تركة الميت بتجهيزة ثم بدينه ثم وصيته ثم يقسم بين ورثته وهم ذو فرض أي
____________________
من أجزاء حياة المورث تعتق بعد الموت، وذكر هذه المسألة في القدوري وذكر أنها على قول أبي يوسف لا تعتق، وعلى قول زفر تعتق.
وأما ما يستحق به الإرث وما يحرم به فنقول: ما يستحق به الإرث شيئان: النسب والسبب. فالنسب على ثلاثة أنواع: المنتسبون إليه وهو الأول، والمنتسب هو إليهم وهم الآباء والأمهات، والنسب هم الأخوات والأعمام والعمات وغير ذلك. والسبب ضربان:
زوجية وولاء. والولاءة نوعان: ولاء عتاقة وولاء الموالاة، وفي النوعين من الولاء يرث الاعلى من الأسفل ولا يرث الأسفل من الأعلى. هذا بيان جملة ما يستحق به الإرث جئنا إلى بيان ما يحرم به الإرث فنقول: ما يحرم به من الميراث الرق حتى إن العبد لا يرث من الحر والحر لا يرث من العبد وسيأتي شئ من ذلك بعدها. واختلاف الدينين حتى لا يرث الكافر من المسلم ولا المسلم من الكافر وسيأتي أيضا. والقتل مباشرة بغير حق في القتل يشترط لحرمان الميراث ثلاثة أشياء: أحدها المباشرة سواء كانت عمدا أو خطأ حتى إن من تسبب إلى قتل مورثة بأن صب الماء على الطريق فزلق به مورثه فمات أو حفر بئرا على حافة الطريق فوقع فيها مورثه ومات لا يحرم من الميراث. الثاني أن يكون القتل بغير حق والقتل بحق لا يوجب حرمان الإرث ألا ترى أن من صال عليه مورثه فقتله الوارث دفعا لصيالته لا يوجب حرمان الميراث. الشرط الثالث أن يكون المباشرة مخاطبا حتى أن الصبي والمجنون إذا قتل لم يتعلق به حق وجوب القصاص ولا حرمان الميراث، وكذلك اختلاف الدارين سبب لحرمان الميراث لأن الميراث إنما يستحق بالنصرة ولا تناصر عند اختلاف الدارين ولكن هذا الحكم في أهل الكفر لا في حق المسلمين حتى إن المسلم إذا مات في دار الاسلام وله ابن مسلم في دار الهند أو الترك يرث. وفي الكافي: ثم اختلاف الدارين على نوعين: حقيقي كالحربي مات في دار الحرب وله ابن ذمي في دار الاسلام فإنه لا يرث الذمي من ذلك الحربي، وكذا لو مات ذمي في دار الاسلام وله أب أو ابن في دار الحرب فإنه لا يرث ذلك الحربي من ذلك الذمي.
وحكمي كالمستأمن والذمي حتى لو مات مستأمن في دارنا لا يورث منه وارثه الذمي، وكذلك الدين سبب لحرمان الميراث. وهذا إذا كان الدين مستغرقا للتركة، أما إذا لم يكن مستغرقا فالقياس أن لا يوجب حرمان الإرث، وفي الاستحسان لا يوجب. وقد قيل البعد سبب لحرمان الميراث أيضا حتى لا يرث البعيد من القريب إذ لو ورث لورث جميع العالم من واحد وأنه محال. قال رحمه الله: (يبدأ من تركة الميت بتجهيزه) المراد من التركة ما تركه الميت خاليا عن تعلق حق الغير بعينه، وإن كان حق الغير متعلقا به الرهن والعبد الجاني والمشتري قبل القبض فإن صاحبه يقدم على التجهيز كما في حال
(٣٦٥)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 365 367 370 371 373 374 ... » »»
الفهرست