بان الله هو الشافي فكذا اكتساب سبب الرزق بالتحرك لا ينفى التيقن بان الله تعالى هو الرازق والعجب من الصوفية انهم لا يمتنعون من تناول طعام من أطعمهم من كسب يده وربح تجاراته مع علمهم بذلك فلو كان الاكتساب حراما لكان المال الحاصل به حرام التناول لان ما يتطرق إليه بارتكاب الحرام يكون حراما (ألا ترى) أن بيع الخمر للمسلم لما كان حراما كان تناول ثمنها حراما وحيث لم يمتنع أحد منهم من التناول عرفنا ان قولهم من نتيجة الجهل والكسل ثم المذهب عند جمهور الفقهاء من أهل السنة والجماعة رحمهم الله ان الكسب بقدر مالا بد منه فريضة وقالت الكرامية بل هو مباح بطريق الرخصة لأنه لا يخلوا اما أن يكون فرضا في كل وقت أو في وقت مخصوص والأول باطل لأنه يؤدى إلى أن لا يتفرغ أحد عن أداء هذه الفريضة ليشتغل بغيرها من الفرائض والواجبات والثاني باطل لان ما يكون فرضا في وقت مخصوص شرعا يكون مضافا إلى ذلك الوقت كالصلاة والصوم ولم يرد الشرع بإضافة السكب إلى وقت مخصوص ثم لا يخلو اما أن يكون فرضا لرغبة الناس إليه أو للضرورة والأول باطل فان الرغبة ثابتة في جميع ما في الدنيا من الأموال وأحد لا يقول يفترض على كل واحد تحصيل جميع ذلك والثاني باطل أيضا فان ما يفترض للضرورة إنما يفترض عند تحقق الضرورة وبعد تحقق الضرورة يعجز عن الكسب فكيف تتأخر فريضته إلى حال عجزه ولا يخلو اما أن يفترض جميع أنواعه أو نوع مخصوص منه والأول باطل فان الأنبياء عليهم السلام ما اشتغلوا بالكسب في عامة أوقاتهم وكذا أعلام الصحابة ومن بعدهم من الأخيار ولا يظن بهم أنهم اجتمعوا على ترك ما هو فرض عليهم والثاني باطل لأنه ليس بعض الناس بتخصيصه بهذا الفريضة بأولى من البعض فتبين أن الكسب ليس بفرض أصلا والدليل عليه انه لو كان أصله فرضا لكان الاستكثار منه مندوبا إليه وكان نفلا بمنزلة العبادات والاستكثار منه مذموم كما قال الله تعالى إنما الحياة الدنيا لعب ولهو إلى قوله عذاب شديد وبهذا الحرف يقع الفرق بينه وبين طلب أهل العلم فان أصله لما كان فرضا كان الاستكثار منه مندوبا إليه وحجتنا في ذلك قوله تعالى انفقوا من طيبات ما كسبتم والامر حقيقة للوجوب ولا يتصور الانفاق من المكسوب الا بعد الكسب ومالا يتوصل إلى إقامة الفرض الا به يكون فرضا وقال تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا الآية يعنى الكسب والامر حقيقة للوجوب * فان قيل قد روى عن مجاهد ومكحول رحمهما الله انها قالا المراد
(٢٥٠)