مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٥٨٩
الثالثة: قال فيها أيضا: فكل من أدان في مباح وهو يعلم أن ذمته تفي بما أدان فغلبه الدين فلم يقدر على أدائه حتى توفي فعلى الامام أن يؤدي ذلك من بيت مال المسلمين أو من سهم الغارمين من الزكاة أو من الصدقات محلها إن رأى ذلك على مذهب مالك الذي يرى أنه إن جعل الزكاة كلها في صنف واحد أجزأه. وقد قيل: إنه لا يجوز أن يؤدي دين الميت من الزكاة. فعلى هذا القول إنما يؤدي الامام دين من مات من الفئ. وقوله: إدان يعني استدان. قال في النهاية في حديث الأبقع: فأدان معرضا أي استدان معرضا عن الوفاء اه‍.
الرابعة: قال فيها أيضا: واجب على ما كان عليه دين أن يوصي بأدائه، فإذا فعل وترك وفاء فليس بمحبوس عن الجنة لدينه، وكذا إن لم يترك وفاء فليس بمحبوس عن الجنة وعلى الامام وفاؤه، فإن لم يفعل فهو المسؤول عن ذلك إذا لم يقدر على أدائه في حياته وأوصى به اه‍. وقال في التمهيد في شرح الحديث السابع عشر ليحيى بن سعيد: فالدين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة والله أعلم هو الذي ترك وفاء ولم يوص به أو قدر على الأداء فم يوف أو أدانه في غير حق أو في سرف ومات ولم يوص به، وأما من أدان في حق وأحب لفاقته وعسره ولم يترك وفاء فإن الله لا يحبسه به عن الجنة لأن فرضا على السلطان أن يؤدي عنه دينه من جملة الصدقات أو من سهم الغارمين أو من الفئ الراجع على المسلمين من صنوف الفئ والله أعلم. ونقل الآبي عن عياض في شرح قوله (ص): ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي أي فعلي قضاء دينه وإلي كفالة عياله. وهذا مما يلزم الأئمة في مال الله فينفق منه على الذرية وأهل الحاجة ويقضي ديونهم. ذكره في أحاديث الجمعة من كتاب الصلاة من شرح مسلم. وقال في الذخيرة: والأحاديث الواردة في الحبس عن الجنة في الدين منسوخة بما جعله الله من قضاء الدين على السلطان وكان ذلك قبل أن تفتح الفتوحات اه‍. وتقدم في باب الخصائص كلام ابن بطال والجمع بين ما هنا وما هناك والله أعلم.
الخامسة: قال في كتاب التفليس من المقدمات: وقد كان الحكم من النبي (ص) في أول الاسلام بيع المديان فيما عليه من الدين على ما كان عليه من الاقتداء بشرع من قبله فيما لم ينزل عليه فيه شئ، وذكر قصصا في ذلك ثم قال: نسخ الله ذلك من حكم رسوله بقوله: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * وقوله للغريم فعيل بمعنى فاعل أي غارم ويطلق على المدين وعلى رب الدين وهو المراد هنا مشتق من الغرم. قال في
(٥٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 ... » »»
الفهرست