يردها إلا أن يكونوا لم يقولوا شيئا، فأما أن يقولوا مثل هذا ثم يشتري المشتري وهو يظن ذلك فأرى له أيردها. وكذا لو قال: إنها تنصب القدور وتخبز ويقولون: إنها تزعم ولا يشترطون ذلك فإذا هي ليست كذلك، فإني أرى له أن يردها إلا أن يخبروا شيئا فلا أرى عليهم شيئا. قال محمد بن رشد مثل هذا في رسم البيوع من سماع أصبغ بعد هذا وفي رسم يوصى من سماع عيسى من كتاب النكاح: وهو مما لا اختلاف فيه أعلمه سواء. قال في الجارية: أبيعها منك على أنها عذراء أو على أنها رقامة أو خبازة أو وصفها بذلك، فقال:
أبيعها منك وهي عذراء أو رقامة أو صباغة أو أبيعها وهي تزعم أنها عذراء أو رقامة أو خبازة، ذلك كالشرط لأنه إذا قال إنها تزعم أنها على صفة كذا وكذا وقالت عند البيع: إني على صفة كذا ولم يكذبها ولا تبرأ منه فقد أوهم أنها صادقة فيما زعمت، فكأنه قد باع على ذلك وشرطه للمبتاع وإنما يعرف الشرط من الوصف في النكاح حسبما مضى في رسم يوصي المذكور.
فرع: إذا شرط البكارة فقال: لم أجدها ينظر إليها النساء، فإن رأين بها أثرا قريبا حلف البائع ولزمت المبتاع، وإن لم يرين شيئا قريبا حلف المبتاع وردها، فإن نكل حلف البائع ولزمت المبتاع. قال ابن يونس: وعن ابن القاسم ليس فيها تحالف بل تلزم شهادة النساء بالافتراع لأنه يختص بهن. قال في الذخيرة. والمسألة في رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب العيوب وقال فيها: فيمن ابتاع جارية على أنها عذراء فقبضها بكرة وغاب عليها فلما كان عشية قال: لم أجدها عذراء، فقال له البائع: أما أنا فلم أبعك إلا عذراء وقد غبت عليها ولعلك افترعتها أو غيرك، ثم ذكر جواب مالك كما تقدم. قال ابن رشد: وجعل شهادتين إذا لم يشهدن قطعا من جهة النظر أنها لم تفترع عند البائع ولا عند المبتاع وإنما قلن نرى أثرا قريبا موجبه أن يكون القول قول من شهد له بذلك من البائع أو من المبتاع مع يمينه كالشاهد في الوديعة والرهن، ولو كان ما رأى النساء منها أمرا بينا لا يشككن في حدوثه أو قدمه فطعن على ذلك وبتتن الشهادة فيه إذ ذلك مما تدرك معرفته بالنظر لكانت شهادتهن في ذلك عاملة دون يمين على ما في رسم يدبر من سماع عيسى، وقد كان من أدركناه من الشيوخ ومن لم ندركه من المتقدمين يحملون رواية أشهب هذه على الخلاف لرواية عيسى.
انتهى مختصرا ونقله ابن عرفة في الكلام على ما ثبت به العيب.
تنبيه: هذا الكلام يقتضي أن شرط البكارة لازم في العلى والوخش وهذا هو المعروف.
وسيأتي ذلك إن شاء الله في كلام ابن رشد عند قول المصنف: وثيوبة إلا فيمن لا يفتض مثلها. وذكر ابن عرفة في الكلام على هذه المسألة عن الاستغناء أن شرط البكارة في وخش الرقيق دون وسطه لغو قال: وكان الفتيا بقرطبة أن بكارة العلية عيب لجهل ما يحدث عند افتضاضها. قال ابن عرفة قلت: هذا يقتضي قول سحنون الذي قبله ابن سحنون والله أعلم.