مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٣١
الحادي عشر: من ابن رشد: لو قال أبيعك سلعتي بعشرة إن شئت فلم يقل أخذتها حتى انقضى المجلس لم يكن له شئ اتفاقا. وفيه فائدة أخرى وهي: أنه يقتضي أن المشتري لو أجابه بما يقتضي القبول في المجلس لزمه البيع ولا يضره قول البائع بعتك سلعتي إن شئت وهو ظاهر وللشافعية في ذلك كلام. وقال ابن عرفة بعد كلامه السابق الذي نقله عن ابن العربي.
قلت: كتب موثق بيع مسافر عبر عنه بعت موضع كذا من زوجتي فلانة بكذا إن قبلت وبينه وبينها مسافة شهرين فقال ابن عبد السلام: مدة قضائه لا أجير هذا البيع على هذه الصفة. فبدلت الوثيقة بحذف إن قبلت فقبلها فلعله رأى الأول خيارا والثاني وقفا اه‍. وانظر ما معنى قوله: وقفا ويمكن أن يقال: إنما ليجز الأول لأنه بيع خيار إلى أمد بعيد بخلاف الثاني فإنه إقرار بيع فتأمله والله أعلم: (وشرط عاقده تمييز إلا بسكر فتردد) ش: لما فرغ من الكلام على الركن الأول من أركان البيع الذي هو الصيغة أتبع ذلك بالكلام على الركن الثاني وهو العاقد وتقدم أن المراد به البائع والمشتري، والضمير المضاف إليه عائد إلى البيع. وفي الكلام حذف والمعنى أنه يشترط في انعقاد البيع أن يكون عاقده مميزا.
هذا أقرب إلى لفظه من قول الشارح يعني أنه يشترط في صحة بيع عاقد البيع التمييز وإن كان المعنى واحدا. وعلم أن ذلك شرط في صحة البيع من عطفه عليه شرط اللزوم. وإذا كان شرط عاقده التمييز فلا ينعقد بيع غير المميز لصغر أو جنون أو إغماء ولا شراؤه. فإن كان عدم تمييزه لسكر أدخله على نفسه ففي انعقاد بيعه وشرائه تردد إذا اختلف المتأخرون في نقل المذهب في ذلك. قال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب: وشرطه التمييز.
وقيل: إلا السكران يعني أنه يشترط في العاقد أن يكون مميزا ولا يشترط العقل فيدخل الصبي ويخرج السكران لوجود التمييز في الصبي وفقده من السكران والعقل مفقود منهما اه‍. وقال في التوضيح: أي شرط صحة بيع العاقد وشرائه أن يكون مميزا فلا ينعقد بيع غير مميز ولا شراؤه لصغر أو جنون أو إغماء أو سكر ولا إشكال في الصبي والمجنون والمغمى عليه. وأما السكران فهو مقتضى ما ذكر ابن شعبان فإنه قال: ومن الغرر بيع السكران وابتياعه إذا كان سكره متيقنا ويحلف بالله ما عقل حين فعل ذلك ثم لا يجوز ذلك عليه. قال المصنف: وظاهره أنه لا ينعقد لأنه جعله من الغرر اه‍.
قلت: نحوه في الجواهر قال فيها: الركن الثاني العاقد وشرطه التمييز، فلا ينعقد بيع غير المميز لصغر أو جنون أو إغماء، وكذلك السكران إذا كان سكره متحققا. قال أبو
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست