في السلعة ولو زاد غيره عليه خلافا للأبياني، وقد جرى العرف في مكة وكثير من البلاد على ما قاله الا بياني. وظاهر ما تقدم عن ابن رشد أن لربها أن يلزم كل من زاد ولو كان العرف بخلافه، وجرت العادة أيضا بمكة أن من رجع بعد الزيادة لا يلزمه شئ ما دام في المجلس، وهذا والله أعلم مبني على القول بخيار المجلس كما هو مذهب الشافعي والله أعلم.
فرع: قال ابن راشد في المذهب: ولو أقف المنادي السلعة بثمن على التاجر وشاور صاحبها فأمره بالبيع ثم زاد غيره عليه فهي للأول. قاله الا بياني اه.
قلت: ما ذكره عن الا بياني هو في مسائل السماسرة له وزاد فيها فقال: وسواء ترك السمسار الثوب عند التاجر أو كان في يده وجاء به إلى ربه فقال له ربه: بعه. ثم زاد فيه تاجر آخر أنه للأول قال: وأما لو قال له رب الثوب لما شاوره اعمل فيه برأيك فرجع السمسار ونوى أن يبيعه من التاجر فزاد فيه تاجر آخر، فإنه يعمل فيه برأيه ويقبل الزيادة إن شاء ولا يلزم البيع بالنية اه.
قلت: وهذا إذا لم تحصل الزيادة إلا بعد مشاورة به وأمره السمسار بالبيع، وأما لو زاده فيه شخص قبل مشاورة رب السلعة فقد تقدم في التنبيه السابع عن مالك من رواية ابن القاسم أنه يخبر رب السلعة بالزيادة ولم ير ذلك من السوم على سوم أخيه، لأن النهي عن ذلك إنما هو مع الركون وصاحب السلعة هنا غائب لا يعلم إن كان يميل إلى البيع بذلك الثمن أم لا. وقد كره في سماع أشهب الزيادة وقال: بئسما صنع إلا أنه أجاز للوكيل أنه يخبر بالزيادة صاحب السلعة وهذا حكم بيع المزايدة. وأما بيع المرابحة وهو أن يذكر له ثمن السلعة وما صرفه عليها ويقول له المشتري: أربحك في كل عشرة كذا كذا، فإذا رضي رب السلعة بذلك فقد لزم المشتري الشراء إذا كان ذلك في فور بحيث يعد كلام أحدهما جوابا للآخر ولم يحصل منهما إعراض عما كانا فيه كما سيأتي في التنبيه الذي بعد هذا، وليس له أن يقول: لا أرضى لأن ذكر الثمن والمراوضة على الربح دليل على إرادته الشراء فلا يقبل قوله: لا أرضى ويعد ذلك ندما. وأما بيع الاستئمان والاسترسال وهو أن يقول: بعني كما تبيع الناس، فإذا أعطاه البائع مثل ما يبيع الناس فقد لزمه البيع، وليس له رجوع هذا ما ظهر لي في بيع المرابحة وبيع الاستئمان والله أعلم.
التاسع: لم يذكر المصنف حكم تراخي القبول عن الايجاب وقد انجر الكلام في التنبيه الذي قبل هذا إلى ذكره. قال البساطي في شرح هذا المحل من كلام المصنف:
فرعان: الأول: إذا تأخر القبول عن الايجاب فهل ينعقد به البيع السفيه، قال ابن العربي: المختار جواز تأخيره.