فاللبن والزبد أصلهما معا البيع على الكيل لأن اللبن يباع بالمكيال والزبد بالوزن وهو في هذا الباب في معنى الكيل، فبيع القربة جزافا لا يجوز مع بيع الزبد وزنا لأنه من باب جمع الجزاف مع المكيل مما أصلهما المكيل. هذا إن اشترى القربة مع رطل أو نصفه من الزبد، وأما إن اشترى القربة وزبدها ما كان بحساب كذا أوقية بدرهم فهو من باب الجزاف على الكيل مع غيره، فإن اشترى اللبن والزبد على غير كيل ولا وزن كان من باب جمع الجزافين وهو جائز والله أعلم. ص: (وجاز برؤية بعض المثلي) ش: ليس هذا خاصا بالمكيل وكذلك في الجزاف يكفي رؤية البعض إذا كان الجميع حاضرا في غرارة أو نحوها بل جعله البساطي راجعا لمسألة الجزاف. نعم يكفي رؤية بعض المثلي المكيل سواء كان حاضرا بالبلد أو غائبا قاله في التوضيح. وينبغي الاحتفاظ على العين فتكون كالشاهد عند التنازع، فإن خرج الآخر مخالفا لما رآه أولا، فإن كان ذلك يسيرا لزم، وإن كان كثيرا لم يلزم. وسيأتي الكلام على ذلك في فصل الخيار عند قول المصنف: ولا كلام لواحد في قليل لا ينفك.
واحترز بالمثلي من المقوم فإنه لا يكفي رؤية بعضه. قال في التوضيح: وهو ظاهر المذهب ومفهوم المدونة في كتاب الخيار. وممن نص على عدم اللزوم في المقوم الشيخ أبو محمد وابن شبلون وعبد الحق وغيرهم. الشيخ: ولو قال قائل إنه كالمثلي يلزم باقيه إذا كان على الصفة ما بعد. خليل: وهو مقتضى ما في سماع ابن القاسم من العتبية فيمن اشترى أعدالا من كتان أو بز فنظر إلى ثوب أو ثوبين أو رطل أو رطلين ثم وجد الباقي لا يشبهه قال: أما ما هو قريب مما رأى فلا رد له، وكذلك القمح والتمر يكون أوله خيرا من داخله. وأما الامر الفاحش فليرد. انتهى بمعناه. ابن رشد: هذه مسألة صحيحة مبنية لما في المدونة وغيرها