لا يأخذون بذلك بل يفسخونه، ولا تسمح أنفسهم بترك مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة لا تفاق الأمصار على تقليدهم انتهى.
فرع: يجوز تقليد الميت على الصحيح وعليه عمل الناس ولو وجد مجتهد حي. ومنع الإمام الرازي تقليد الميت قال: لأنه لا بقاء لقول الميت بدليل انعقاد الإجماع بعد موت المخالف قال: وتصنيف الكتب في المذاهب مع موت أربابها لاستفادة طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث وكيفية بناء بعضها على بعض، ولمعرفة المتفق عليه من المختلف به، وعورض بحجة الإجماع بعد موت المجمعين. وقيل: يجوز تقليد الميت إن لم يوجد مجتهد حي هكذا ذكر، الخلاف غير واحد. وحمل بعضهم إطلاق المانعين على أن المراد إذا فقد مجتهد مماثل للميت أو أرجح، أما إذا فقد المجتهدون مطلقا فلا يترك الناس هملا.
قلت: هذا الحمل متعين. ونقل البرزلي في أول كتابه عن الفهدي أنه قال: المشهور لا يجوز تقليد الميت، ولم يتعقبه بأنه خلاف ما عليه العمل ونحوه ما ذكر ابن ناجى في أول شرح الرسالة قال: أجمع أهل الأصول على منع تقليد الميت كما حكاه القرافي في شرح المحصول لكنه قال بعده: نص ابن طلحة في شرح الرسالة على أنه يجوز تقليد العالم مع وجود الأعلم وإن كان ميتا، لأن بموته أمن رجوعه عن قوله بخلاف الحي. قال التادلى: ونظار أهل الأعصار والأمصار اليوم على ذلك من غير تنازع، ولو سد هذا الباب لقلد من لا يستحق أن يقلد لا سيما وقد فسدت العقول وتبدلت وكثرت البدع وانتشرت فكان الرجوع إلى سلف المسلمين وأئمة الدين هو الواجب على المقلدين انتهى. وقال ابن عرفة في كتاب الأقضية عن كتاب الاستغنا: انعقد الإجماع في زماننا على تقليد المجتهد الميت إذ لا مجتهد فيه انتهى. وقال الشيخ حلولو في شرح جمع الجوامع: ولا خفاء في ثبوت الإجماع في ذلك إذ لم ينقل عن أحد من أهل العلم بعد استقرار المذاهب المفتى بها إنكاره انتهى.
فرع: قال القرافي في شرح المحصول: قال سيف الدين: إذا اتبع العامي مجتهدا في حكم حادثة وعمل بقوله، اتفقوا على أنه ليس له الرجوع في ذلك الحكم، واختلفوا في رجوعه إلى غيره في غير ذلك الحكم واتباع غيره فيه، فمنع وأجيز وهو الحق نظرا إلى إجماع الصحابة في تسويغهم للعامي الاستفتاء لكل علم في مسألة، ولم ينقل عن السلف الحجر في ذلك على العامة ولو كان ذلك ممتنعا لما جاز للصحابة إهماله والسكوت عن الإنكار عليه، ولأن كل مسألة لها حكم نفسها فكما لم يتعين الأول للاتباع في المسألة الأولى وإلا بعد سؤاله، فكذلك في المسألة الأخرى. وأما إذا عين العامي مذهبا متعينا كمذهب الشافعي وأبي حنيفة وقال: أنا على مذهبه وملتزم له، ومنعه آخرون لأن التزامه ملزوم له كما لو التزمه في حكم حادثة معينة، والمختار التفصيل وهو أن كل مسألة من مذهب الأول. إن اتصل عمله بها فليس له تقليد الغير