فلا يستحب النزح كما تقدم يريد إلا إذا تغير الماء ص: (وإن زال تغير النجس لا بكثرة مطلق فاستحزن الطهورية وعدمها أرجح) ش: يعني أن الماء إذا تغير بالنجاسة ثم زال تغيره فلا يخلو إما أن يكون بمكاثرة ماء مطلق خالطه أم لا.، فالأول طهور باتفاق قاله في التوضيح وذلك كالبئر ينزح منها حتى يزول التغير وكالصهريج يتغير بميتة فيترك حتى يكثر ماؤه بمطر ونحوه. وقد جهل أبو محمد بعضهم في قوله: في ماجل قليل الماء وقعت فيه فأرة يطين حتى يكثر ماؤه ثم يشرب. قال: فإن فعل شرب. وتجهيله في تأخير طرحه.
والثاني إما أن يكون بإلقاء شئ فيه غير الماء، ولم يذكره المصنف وسيأتي حكمه، أو من نفسه فلا شئ. ومنه ما إذا نزع من الماء الذي لا مادة له بعضه فزال تغيره فذكر المصنف تبعا لابن الحاجب وابن شاس وابن بشير وغيرهم في طهوريته قولين، استحسن بعض الشيوخ القول بالطهورية ورجح ابن يونس عدم الطهورية فاعترض عليه ابن غازي فيما ذكره عن ابن يونس وفي التوضيح بأنه لم يوجد في كلامه إلا الكلام على حكم زوال النجاسة إذا زال عينها بالماء المضاف وسيأتي. وذكر ابن مرزوق في شرحه على المختصر نحو ذلك وقال ما معناه: إن المصنف إن حمل كلام ابن يونس على نفس ما نحن فيه فهو وهم، وإن أراد أن يقيسه عليه فبعيد. وقدر رأيت من كلام ابن مرزوق شرح الفصلين الأولين من المختصر وفيه نحو ما ذكره ابن غازي. وقال ابن غازي: لم يعرف ذلك الإمام ابن عرفة من نقل ابن يونس ولا غيره ممن قبل ابن بشير فقال: وقول ابن بشير في طهورية النجس يزول بغيره بلا نزح قولان لا أعرفه فبقي وجدان القولين معا في المذهب وإن كان لا يلزم من عدم الوجدان عدم الوجود. ولا يلتفت لما حكى الشيخ أبو زيد القابسي من رد بعضهم على ابن عرفة بقول ابن يونس، لان الراد مقلد لخليل في نقله كالشارح. نعم أغفل ابن عرفة ما ذكر ابن رشد في رسم القسمة من سماع عيسى، وذكر بعض كلام ابن رشد ولنأت بأكثر مما يتضح به المقصود. قال: وسئل ابن وهب عن الجب من ماء السماء تموت فيه الدابة وتنشق والماء كثير لم يتغير منه إلا ما كان قريبا منها، فلما أخرجت وحرك الماء ذهبت الرائحة، هل يتوضأ به ويشرب؟ قال: إذا خرجت الميتة فلينزح منه حتى يذهب دسمها والرائحة واللون إن كان به لون إذا كان الماء كثيرا على ما وصفت طاب إذا فعل ذلك به. قال ابن القاسم: لا خير فيه ولم أسمع مالكا رخص فيه قط. ابن رشد: قول ابن وهب هو الصحيح على أصل مذهب مالك الذي رواه المدنيون عنه أن الماء لا ينجسه إلا ما غير أحد أوصافه على ما جاء