والحيوان الذي لا يتوقى استعمال النجاسات إذا ريئت النجاسة على فيه وقت استعماله للماء أو للطعام عمل عليها، فإن غيرت الماء ضرت باتفاق، وإن لم تغيره فيكره استعماله مع وجود غيره لان الكلام في الماء القليل، وأما الطعام فإنه يطرح كله إن كان مائعا، وإن كان جامدا طرح منه ما أمكن السريان فيه. وقول الشارح وكذلك الطعام عطفا على الماء يقتضي مساواة الطعام للماء وليس كذلك، ولو قال المصنف: وإن تيقنت على فيه لكان أحسن لأن النجاسة قد تتيقن وإن لم تر، ولهذا قال ابن شاس: فإن قطع بنجاسة أفواهها وقال فيها يعسر الاحتراز منه إلا أن تعلم نجاسة فيه عند الشرب وليدخل في كلام ما يأتي التنبيه عليه في كلام ابن الإمام . هذا إن جعلنا رأى بصرية، وإن جعلت علمية فلا إشكال، والضمير في قوله: فيه راجع إلى المذكور من قوله: سؤر شارب خمر إلى آخره، وتيقن نجاسة يده كذلك فيعمل على ذلك كما تقدم. وقوله: وقت استعماله ظاهره أن المعتبر في الرؤية وقت استعمال الماء فقط وهو ظاهر كلام ابن عبد السلام فإنه قال: لم يقيد ابن الحاجب زمن الرؤية وعادة الفقهاء تقييده فيقولون: إن ريئت في أفواهها وقت شربها نجاسة وهذا التقييد لا بد منه، قال ابن الإمام في شرح ابن الحاجب: مقتضى كلامه الاكتفاء بعدم رؤية النجاسة حال التناول وليس بظاهر لأنها لو لم تر حال تناوله بعد أن رؤي مستعملا لها دون غيبة يمكن ذهاب أثرها من فيه لكان كما لو ريئت لتيقن النجاسة بفمه، وليس عدم رؤيتها مما ينافي ذلك.
ولابن العربي ما يقتضي هذا ثم قال: ولا بد من غيبة لا يبقى معها ظن بقاء أثر النجاسة بفيها انتهى. وهو ظاهر ولا منافاة بينه وبين كلام ابن عبد السلام إذا كانت الرؤية علمية وهو ظاهر لما تقدم فليتأمل ص: (وإذا مات بري ذو نفس سائلة براكد ولم يتغير ندب نزح بقدرهما لا أن وقع ميتا) ش: قوله بري صفة لمحذوف يعني أن الحيوان البري الذي له