مبين لها باتفاق من دان بتحليلها، ووقوع الطلاق غير محكوم به عليها، لعدم الحجة من الشريعة بذلك في حكمها، وما سبيله الشرع فلا نقتضب (1) إلا منه، ومتى لم يثبت في الشريعة لحوق الطلاق بها، لم يجز الحكم به على حال، و ليس في ذلك خروج عن الإجماع، لأن الأمة إنما أجمعت على وقوع الطلاق الثلاث بالزوجات التي لا ينعقد نكاحهن بالآجال، ولم يجمعوا على أنه واقع بالزوجات كلهن على العموم والاستيعاب، وليس يجوز حمل حكم بعض الزوجات على بعض في ملة الإسلام، لفساد القياس بها، لا سيما فيما لا تعرف له علة توجب الحكم فيعدى بها إلى ما سواه.
وإن قالوا: إن الطلاق يقع بها قبل الأجل، لأنها زوجة، أو للاستظهار والاختبار والخروج بالتبرء عما فيه الشبهة من الاختلاف. لم يلزمهم في ذلك شئ يقدره مخالفوهم من الأحوال.
ودعوى الخصم في هذا الفصل: أنهم خارجون به عن الإجماع، باطلة، لأنا قد بينا أنه لم يحفظ عنهم فيه ولا في نقيضه مقال، فكيف يكون القول بأحدهما خروجا عن الإجماع؟! اللهم إلا أن يعني بذلك أن القول فيما لم يقل فيه ولا في خلافه شئ يكون مبتدعا، فيلزمه ذلك في كل ما تفرع عن المسائل التي قال فيها برأيه، ولم يكن فيه قول، لإغفاله، أو عدم خطوره لهم ببال، أو لأنه لم يتقدم فيه سؤال.
ومتى صار إلى ذلك بدع جميع المتفقهة عنده، وخرج عن العرف فيما يحكم له بالإجماع، أو بخلافه عند الفقهاء.