ومن المرجح أن يكون البلد الثاني هو البلد الذي وردت منه هذه المسائل إلى شيخنا المفيد (رحمه الله)، وذلك لعدة قرائن:
الأولى: ورود ابن الجنيد - الجنيدي - نيسابور، واجتماع الفقيه الحنفي - صاحب المسائل - به هناك، كل هذا يناسب قرب (صاغان) من نيسابور.
الثانية: ذكر المؤلف (خراسان) من بين بقية البلدان، وذلك عند تعرضه للجهال المنتمين إلى المذاهب الأخرى في - أواخر المسألة الأولى -، وهو ينبئ عن وجود مناسبة، ولا مناسبة إلا كون صاغان من أعمال ذلك الإقليم.
الثانية: الذي يغلب على الظن أن الفقيه الحنفي صاحب هذه الأقوال هو:
أبو العباس الفضل بن العباس بن يحيى بن الحسين الصاغاني الحنفي، له عدة تصانيف، سمع الحديث بنيسابور، وحدث بخراسان، قدم بغداد حاجا سنة عشرين وأربعمائة، و حدث بها، وسمع منه الخطيب البغدادي. (تاريخ بغداد 2 / 280) ويؤيده:
أولا: إن أبا العباس الصاغاني - هذا - هو الفقيه الحنفي الوحيد في ذلك البلد، والمبرز فيه، وأيضا هو من معاصري شيخنا المفيد (رحمه الله)، حيث قدم بغداد سنة 420.
ثانيا: اللقاء الذي جرى بين الفقيه الحنفي - صاحب الأقوال - وابن الجنيد في نيسابور يؤيد ذلك أيضا، لأن أبا العباس الصاغاني سمع الحديث بنيسابور، فلعل اجتماعه بالجنيدي كان أيام سماعه الحديث بها.
لكن التاريخ المذكور لورود ابن الجنيد نيسابور وهو سنة 340 قد لا يتناسب مع تاريخ مجئ الصاغاني إلى بغداد وهو سنة 420، إذ يلزم منه أن يكون الصاغاني قد دخل بغداد وعمره ناهز المائة أو جاوزها، ودخول معمر - يروم الحج - بغداد وعدم تنبه