الثالث، فيكون على الخلاف السابق في التعارض. وقيل: إذا وجد التعارض في مثل هذا غلبت الحرية.
قلت: معنى تغليبها أنه لا يحكم بسقوط البينتين. والله أعلم.
فصل من ادعى وراثة شخص، وطلب تركته، أو شيئا منها، فليبين جهة الوراثة من بنوة أو أخوة وغيرهما. وذكر السرخسي أن المذهب أنه لا يكفي لطلب التركة ذكر الجهة، بل يذكر معها الوراثة، فيقول: أنا أخوه ووارثه، وإذا شهد عدلان من أهل الخبرة بباطن حال الميت أن هذا ابنه لا يعرف له وارثا سواه، دفعت إليه التركة. وإن شهدا لصاحب فرض دفع إليه فرضه، ولا يطالبان بضمين. وذكر الفوراني أنه يشترط هنا ثلاثة شهود، كما ذكره في شهادة الافلاس. والصحيح المعروف الأول. وإذا لم يكن الشهود من أهل الخبرة، أو كانوا من أهلها، ولم يقولوا: لا نعلم له وارثا سواه، فالمشهود له إما أن لا يكون له سهم مقدر، وإما أن يكون، القسم الأول أن لا يكون، فلا يعطى شيئا في الحال، بل يبحث القاضي عن حال الميت في البلاد التي سكنها أو طرقها، فيكتب إليها الاستكشاف، أو يأمر من ينادي فيها: إن فلانا مات، فإن كان له وارث، فليأت القاضي، أو ليبعث إليه.
فإذا بحث مدة يغلب على الظن في مثلها أنه لو كان له وارث هناك، لظهر ولم يظهر، دفع المال إلى المشهود له. وحكى السرخسي قولا أنه لا يدفع إليه، وقيل: إن كان ممن لا يحجب كالابن، دفع إليه، وإن كان يحجب كالأخ، فلا، والمذهب الأول. وإن دفع إليه، فهل يؤخذ منه ضمين؟ قولان، أحدهما: يجب، وأظهرهما: لا يجب، لكن يستحب، وقيل: لا يجب قطعا، وقيل: إن كان يحجب، وجب، وإلا فلا وقيل: إن كان ثقة موسرا، لم يجب، وإلا فيجب.
القسم الثاني: أن يكون له سهم مقدر، فإن كان ممن لا يحجب، دفع إليه أقل فرضه عائلا من غير بحث، فالزوجة تعطى ربع الثمن عائلا، لاحتمال أبوين وبنتين وأربع زوجات، والزوج يعطى الربع عائلا، لاحتمال أبوين وبنتين معه،