قلت: لا أمنعك، لأن الدار لم تكن في يدي يومئذ، وقد صارت في يدي وملكي، قبل منه، وله المنع إذا حلف. وفيه أن دعوى العبد على سيده أنه أذن له في التجارة لا تسمع إن لم يشتر، ولم يبع شيئا. وإن اشترى ثوبا، وجاء البائع يطلب الثمن من كسبه، فأنكر، السيد الاذن، فللبائع أن يحلفه على نفي الاذن، فإن حلف، فللعبد أن يحلفه مرة أخرى، ليسقط الثمن، عن ذمته. وإن باع العبد عينا للسيد، وقبض الثمن، وتلف في يده فطلب المشتري تلك العين فقال السيد: لم آذن له في البيع، حلف، فإن حلف، حكم ببطلان البيع، والعبد يحلفه لاسقاطه الثمن عن ذمته.
وأنه لو ادعى ألفا، وأقام به شاهدا، وأراد أن يحلف معه، فأقام المدعى عليه شاهدا بأن المدعي أقر أنه لا حق عليه، فللمدعى عليه أن يحلف مع شاهده، فإذا حلف، سقطت دعوى المدعي، وأنه يجوز للمالك أن يدعي على الغائب وعلى الغاصب من الغاصب، فإن ادعى على الأول أنه يلزمه رد الثوب بصفة كذا، أو قيمته كذا، فليس على الغاصب أن يحلف أنه لا يلزمه، لأنه إن قدر على الانتزاع، لزمه الانتزاع والرد، وإلا فعليه القيمة. وأنهم لو شهدوا أن هذه الدار اشتراها المدعي من فلان، وهو يملكها، ولم يقولوا: هي الآن ملك المدعي، ففي قبول شهادتهم قولان، كما لو شهدوا أنه كان ملكه أمس، والمفهوم من كلام الجمهور قبولها. وأنه لو ادعى قصاصا، فاقتص الحاكم برواية راو روى حديثا يوجب القصاص في الواقعة، ثم رجع الراوي، وقال: كذبت وتعمدت، لم يجب القصاص عليه، بخلاف الشهادة، لأن الرواية لا تختص بالواقعة. وأنه لو غصب المرهون من يد المرتهن، قال الراهن في دعواه على الغاصب: لي ثوب كنت رهنته عند فلان، وغصبته منه، ويلزمه الرد إلي. ولو اقتصر على قوله: لي عنده ثوب صفته كذا، ويلزمه رده إلي، جاز ولا بعد في قوله: يلزمه رده إلي، لأن يد المرتهن