الامهال بثلاثة أيام؟ وجهان، أصحهما: نعم، لئلا تطول مدافعته، والثاني:
لا تقدير، لأن اليمين حقه، فله تأخيره إلى أن يشاء كالبينة. ولم يذكر الشافعي رحمه الله فيما إذا امتنع المدعى عليه من اليمين أنه يسأل عن سبب امتناعه، فقال ابن القاص: قياس ما ذكره في امتناع المدعي أن يسأل المدعى عليه عن سبب امتناعه أيضا، وامتنع عامة الأصحاب من هذا الالحاق فارقين بأن امتناع المدعي عليه أثبت للمدعي حق الحلف، والحكم بيمينه، فلا يؤخر حقه بالسؤال، وامتناع المدعي لا يثبت حقا لغيره، فلا يضر السؤال. ولو قال المدعى عليه حين استحلف:
أمهلوني لأنظر في الحساب، أو أسأل الفقهاء، فهل يمهل ثلاثة أيام، أم لا يمهل شيئا إلا برضى المدعي؟ وجهان، أصحهما وأشهرهما الثاني، لأنه مقهور محمول على الاقرار، أو اليمين بخلاف المدعي، فإنه مختار في طلب حقه وتأخيره، ولو استمهل المدعى عليه في ابتداء الجواب لينظر في الحساب، وذكر الهروي أنه ينظر إلى آخر المجلس إن شاء. ولو علل المدعي امتناعه بعذر كما ذكرنا، ثم عاد بعد مدة ليحلف، مكن منه، وإن لم يتذكر القاضي نكول خصمه، أثبته بالبينة، وكذا لو أثبت عند قاض آخر نكول خصمه له أن يحلف، وكذا لو نكل المدعى عليه في جواب وكيل المدعي، ثم حضر الموكل له أن يحلف، ولا يحتاج إلى استئناف دعوى، ولو أقام المدعي شاهدا ليحلف معه، فلم يحلف، فهو كما لو ارتدت اليمين، إليه، فلم يحلف، فإن علل امتناعه بعذر، عاد الوجهان في أنه على خيرته أبدا، أم لا يزاد على ثلاثة أيام؟ وإن لم يعلل بشئ، أو صرح بالنكول، فقد ذكر الغزالي والبغوي أنه يبطل حقه من الحلف، وليس له العود إليه، واستمر العراقيون على ما ذكروه هناك، قال الأصحاب: لو امتنع من الحلف مع شاهده، واستحلف الخصم، انقلبت اليمين من جانبه إلى جانب صاحبه، فليس له أن يعود ويحلف إلا إذا استأنف الدعوى في مجلس آخر، وأقام الشاهد، فله أن يحلف معه، وعلى الأول لا ينفعه إلا بينة كاملة.
فصل ما ذكرناه من أنه يرد اليمين على المدعي، ولا يقضى على المدعى