أن المدعي، أقر بأن شاهديه شربا الخمر وقت كذا، فإن طالت المدة بينه وبين أداء الشهادة، لم يقتض ذلك رد الشهادة، وإن قصرت، ردت شهادتهما، وإن شهدا أنه أقر بأنهما شربا الخمر من غير تعيين وقت، سئل المدعي عن وقته، وحكم بما يقتضيه تعيينه، ولو أقام المدعي بينة، ثم قال للقاضي: لا تحكم بشئ حتى تحلفه، بطلت بينته، لأنه كالمعترف بأنها مما لا يجوز الحكم بها.
قلت: هذا مشكل، فقد يقصد تحليفه ليقيم البينة، ويظهر إقدامه على يمين فاجرة، أو غير ذلك من المقاصد التي لا تقتضي قدحا في البينة، فينبغي أن لا تبطل البينة. والله أعلم.
فصل إذا طلب المدعي يمين المدعى عليه عند الحاكم، فقال للحاكم:
قد حلفني مرة على هذا بطلبه، فليس له تحليفي، فإن حفظ القاضي ما قاله، لم يحلفه ومنع المدعي مما طلب، وإن لم يحفظه، حلفه، ولا ينفعه إقامة البينة عليه، لما سبق أن القاضي متى تذكر حكمه أمضاه، وإلا فلا يعتمد بينة، وعن ابن القاص جواز سماع البينة فيه، حكاه الهروي ومقتضاه الطرد في كل باب، وإن قال:
حلفني عند قاض آخر وأطلق، وأراد تحليفه على ذلك، فوجهان، قال ابن القاص بالمنع، إذ لا يؤمن أن يدعي المدعي أنه حلفه على أنه ما حلفه، وهكذا فيدور الامر، ولا ينفصل، وأصحهما، وبه قطع البغوي وغيره يمكن منه، لأنه محتمل غير مستبعد، ولا يسمع مثل ذلك من المدعي، لئلا يتسلسل، فعلى هذا إن كانت له