في الحالين، وصريح التكاذب أن لا يمكن الجمع بتأويل، بأن شهدت إحداهما بقتله في وقت، والأخرى بجناية في ذلك الوقت، فإن أمكن الجمع بتأويل، فليس تكاذبا بأن شهدت هذه أنه ملك زيد، وهذه أنه ملك عمرو، فإنه يحتمل أن كل واحدة علمت سببا، كشراء ووصية، واستصحب حكمه، أو شهدت هذه بأنه أوصى به لزيد، وهذه أنه أوصى به لعمرو، فإنه يحتمل الايصاء مرتين، وقيل: القولان إذا لم يمكن الجمع، فإن أمكن قسم قطعا، وقيل: إن لم يمكن سقطتا قطعا وإلا استعملتا قطعا، كما في الوصية وقيل: يبقى قول التوقيف، وقيل: لا تجتمع الأقوال الثلاثة بل موضع القسمة إذا أمكن الجمع، والقرعة إذا لم يمكن، والمذهب ما سبق، فلو تنازعا في زوجية امرأة، أقام كل واحد بينة، وتعارضتا، فقول السقوط بحاله، ولا مجال للقسمة، ولا للقرعة على الأصح، ويجئ الوقف على الصحيح لو أقر صاحب اليد لأحدهما بعدما أقاما البينتين، إن قلنا بالسقوط، قبل إقراره ، وحكم به، وإن قلنا بالاستعمال، فوجهان، أحدهما: يصير المقر له كصاحب يد، فترجح بينته، والثاني: لا، لأن يده بعد البينة مستحقة الإزالة، وإن أقر قبل تمام البينتين قبل إقراره قطعا، وصار المقر له صاحب يد.
الحالة الثانية: أن تكون العين في يدهما وادعاها كل واحد، فإن أقامتا بينتين، فطريقان، أحدهما - وبه قال الفوراني والغزالي - يجئ القولان في السقوط والاستعمال، فإن أسقطنا، بقي المال في أيديهما كما كان، وإن استعملنا، فعلى قول القسمة يجعل بينهما، ولا يجئ الوقف، وفي القرعة وجهان، والثاني - وبه قال ابن الصباغ والبغوي - يجعل المال بينهما، لأن بينة كل واحد ترجحت في النصف الذي في يده، والحاصل للفتوى من الطريقين بقاء المال في يدهما كما كان، ولو شهدت بينة كل واحد له بالنصف الذي في يد صاحبه، حكم القاضي لكل منهما بما في يد صاحبه، ويكون المال في يدهما أيضا، كما كان، لكن لا لجهة السقوط، ولا بالترجيح باليد، ثم قال الأئمة: من أقام البينة أولا، وتعرض شهوده للكل، لم يضر وإن كان صاحب يد في النصف الذي في يده، وقلنا: بينة صاحب