ويشترط إشهاد رجلين عدلين، فلا يقبل رجل وامرأتان، وقيل: يقبل إن تعلقت الحكومة بمال، وذكر ابن كج أنه لو كان الكتاب برؤية هلال رمضان، كفى شهادة واحد على قولنا: يثبت بواحد، وأنه لو كتب بالزنى وجوزنا كتاب القاضي إلى قاض في العقوبات هل يثبت برجلين أم يشترط أربعة؟ وجهان بناء على القولين في الاقرار بالزنى.
فرع إذا وصل كتاب القاضي وحامله إلى قاضي البلد الآخر، أحضر الخصم، فإن أقر بالمدعى، استوفاه، وإلا فيشهد الشاهدان أن هذا كتاب القاضي فلان وختمه، حكم فيه لفلان بكذا على هذا وقرأه علينا، وأشهدنا به، ولو لم يقولوا: أشهدنا به، جاز، ولا يكفي ذكرهما الكتاب والختم، بل لا بد من التعرض لحكمه. ثم في التهذيب والرقم أن القاضي إنما نقض الختم بعد شهادة الشهود وتعديلهم، وذكر الهروي أنه يفتح الكتاب أولا: ثم يشهدون ويوافق هذا قول كثير من الأصحاب أن الشهود يقرؤون الكتاب، ثم يشهدون ليقفوا على ما فيه، ويعلموا أنه لم يخرق، وليس هذا خلافا في الجواز، وكيف وقد عرف أن الختم من أصله لا اعتبار به، فكما تقبل الشهادة على ما لا ختم عليه تقبل على المفضوض ختمه، وسواء فضه القاضي أو غيره، وإنما هو في الأدب والاحتياط.
فرع يجوز أن يكتب إلى قاض معين، ويجوز أن يطلق فيكتب إلى كل من يصل إليه من القضاة، وإذا كان الكتاب إلى معين، فشهد شاهدا الحكم عند حاكم آخر قبل شهادتهما، وأمضاه، وإن لم يكتب: وإلى كل من يصل إليه من القضاة اعتمادا على الشهادة، وكذا لو مات الكاتب، وشهدا على حكمه عند المكتوب إليه أو مات المكتوب إليه، وشهدا عند من قام مقامه، قبل شهادتهما، وأمضى الحكم.
والعزل والجنون والعمى والخرس كالموت. ولو كتب القاضي إلى خليفته، ثم مات القاضي، أو عزل، تعذر على الخليفة القبول والامضاء إن قلنا: ينعزل بانعزال الأصل، ولو ارتد القاضي الكاتب أو فسق، ثم وصل الكتاب إلى المكتوب إليه، فوجهان قطع ابن القاص، وصاحبا المهذب والتهذيب وآخرون بأن الكتاب إن كان بالحكم المبرم، أمضي، لأن الفسق الحادث لا يؤثر في الحكم السابق، وإن كان بسماع الشهادة، لم يقبل ولم يحكم به، كما لو فسق الشاهد قبل الحكم، وأطلق ابن كج أنه لا يقبل كتابه إذا فسق، وهو مقتضى كلام الشيخ أبي حامد وابن