القاضي حسين، فإن قلنا بالصحيح، فهل يحلف المدعي، كما يحلف المدعي على غائب؟ وجهان، وقطع صاحب العدة بأنه لا يحلف، لأن الخصم قادر على الحضور وإن لم يكن في البلد، فإن غاب إلى مسافة بعيدة، جاز الحكم عليه، وإن كانت قريبة، فهو كالحاضر، وفي ضبط البعيدة وجهان، أحدهما: تقصر فيه الصلاة، والقريبة دونها، وأصحهما: أن القريبة ما يمكن المبكر الرجوع منها إلى مسكنه ليلا، فإن زادت، فبعيدة، ولو كان للمتمرد وكيل نصبه بنفسه، فهل يتوقف التحليف على طلبه؟ جوابان لأبي العباس الروياني: لأن الاحتياط والحالة هذه من وظيفة الوكيل، وكذا لو كان للغائب وكيل.
فصل من أتى القاضي مستعديا على خصم ليحضره، فلخصمه حالان.
الأولى: أن يكون بالبلد وظاهرا يمكن إحضاره، فيجب إحضاره، وقال ابن سريج: يحضر ذوي المروءات في داره لا في مجلسه، والصحيح أنه لا فرق.
ثم الاحضار قد يكون بختم من طين رطب أو غيره يدفعه إلى المدعي، ليعرضه على الخصم. وليكن مكتوبا عليه: أجب القاضي فلانا، وقد يكون بشخص من الأعوان المرتبين على باب القاضي، وتكون مؤنته على الطالب إن لم يكن لهم رزق من بيت المال، وإن بعث الختم، فلم يجب، بعث إليه العون، وإن ثبت عند القاضي امتناعه بلا عذر، أو ثبت سواد به بكسر الختم ونحوه، استعان على إحضاره بأعوان السلطان، فإذا حضر عزره بما يراه، وتكون مؤنة المحضر والحالة هذه على المطلوب، لامتناعه. وقيل: على المدعي، والصحيح الأول، فإن اختفى بعث من ينادي على باب داره أنه إن لم يحضر إلى ثلاث سمر باب داره، أو ختم عليه، فإن لم يحضر بعد الثلاث، وسأل المدعي التسمير أو الختم، أجابه إليه، وينبغي أن يتقرر عنده أن الدار داره، وإذا عرف له موضع قال ابن القاص: يبعث القاضي جماعة من النسوة والصبيان والخصيان يهجمون عليه على هذا الترتيب، ويفتشون.