أن يكون أصحاب المسائل أقل من اثنين ويجوز أن يكون من يخبرهم من الجيران واحدا إذا وقع في نفوسهم صدقه، ويجب أن يشهد أصحاب المسائل عند الحاكم على شرط الشهادة في العدد ولفظ الشهادة. وحمل قول الشافعي رحمه الله تعالى في العدد على أصحاب المسائل.
وإن بعث اثنين فعادا بالجرح حكم بالجرح وان عادا بالتعديل حكم بالتعديل وان عاد أحدهما بالتعديل وعاد الآخر بالجرح لم يحكم بقول واحد منهما في جرح ولا تعديل ويبعث ثالثا، فإن عاد بالجرح كملت بينة الجرح، وان عاد بالتعديل كملت بينة التعديل، وان شهد اثنان بالجرح واثنان بالتعديل حكم بالجرح لان شاهدي الجرح يخبران عن أمر باطن وشاهدي العدالة يخبران عن أمر ظاهر، فقدم من يخبر بالباطن، كما لو شهد اثنان بالاسلام وشهد آخران بالردة.
وان شهد اثنان بالجرح وشهد ثلاثة بالعدالة قدمت بينة الجرح، لان بينة الجرح كملت فقدمت على بينة التعديل، ولا يقبل الجرح إلا مفسرا، وهو أن يذكر السبب الذي به جرح، ولان الناس يختلفون فيما يفسق به الانسان، ولعل من شهد بفسقه شهد على اعتقاده والحاكم لا يعتقد أن ذلك فسق والجرح والتعديل إلى رأى الحاكم فوجب بيانه لينظر فيه، ولا يشهد بالجرح من يشهد من الجيران وأهل الخبرة إلا أن يعلم الجرح بالمشاهدة في الافعال كالسرقة وشرب الخمر أو بالسماع في الأقوال كالشتم والقذف والكذب وإظهار ما يعتقده من البدع أو استفاض عنه ذلك بالخبر لأنه شهادة على علم.
فأما إذا قال بلغني أو قيل لي انه يفعل أو يقول أو يعتقد لم يجز أن يشهد به لقوله تعالى (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) قال الشافعي رحمه الله: ولا تقبل الشهادة بالتعديل حتى يقول هو عدل على ولى، فمن أصحابنا من قال يكفي أن يقول هو عدل، وهو قول أبي سعيد الإصطخري، لان قوله عدل يقتضى أنه عدل عليه وله، وما ذكره الشافعي رحمه الله تعالى ذكره على سبيل الاستحباب، منهم من قال لا يقبل حتى يقول عدل لي وعلى، وهو قول أبي إسحاق، لان قوله عدل لا يقتضى العدالة على