قال بالعدالة، قال هو جارك الأدنى تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه، قال لا، قال فمعاملك بالدينار والدرهم اللذين يستدل بهما على الورع، قال لا، قال فصاحبك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق، قال لا قال لست تعرفه، ثم قال للرجل ائتني بمن يعرفك، ولأنه لا يؤمن أن يكون فاسقا فلا يحكم بشهادته.
وإن أراد أن يعرف عدالته كتب اسمه ونسبه وحليته وصنعته وسوقه ومسكنه حتى لا يشتبه بغيره، ويذكر من يشهد له حتى لا يكون ممن لا تقبل شهادته له من والد أو ولد، ويذكر من يشهد عليه حتى لا يكون عدوا لا تقبل شهادته عليه، ويذكر قدر ما يشهد به. لأنه قد يكون ممن يقبل قوله في قليل ولا يقبل قوله في كثير، ويبعث ما يكتبه مع أصحاب المسائل، ويجتهد أن لا يكون أصحاب المسائل معروفين عند المشهود له حتى لا يحتال في تعديل الشهود ولا عند المشهود عليه حتى لا يحتال في جرح الشهود ولا عند الشهود حتى لا يحتالوا في تعديل أنفسهم ولا عند المسؤولين عن الشهود حتى لا يحتال لهم الأعداء في الجرح ولا الأصدقاء في التعديل، ويجتهد أن لا يعلم أصحاب المسائل بعضهم ببعض فيجمعهم الهوى على التواطؤ على الجرح والتعديل.
قال الشافعي رحمه الله: ولا يثبت الجرح والتعديل إلا باثنين، ووجهه أنه شهادته فاعتبر فيها العدد.
واختلف أصحابنا هل يحكم القاضي في الجرح والتعديل بأصحاب المسائل أو بمن عدل أو جرح من الجيران، فقال أبو إسحاق يحكم بشهادة الجيران لأنهم يشهدون بالجرح والتعديل، فعلى هذا يجوز أن يقتصر على قول الواحد من أصحاب المسائل، ويجوز بلفظ الخبر ويسمى للحاكم من عدل أو جرح، ثم يسمع الشهادة بالتعديل والجرح من الجيران على شرط الشهادة في العدد ولفظ الشهادة.
وحمل قول الشافعي رحمه الله في العدد على الجيران. وقال أبو سعيد الإصطخري يحكم بشهادة أصحاب المسائل وهو ظاهر النص لان الجيران لا يلزمهم الحضور للشهادة بما عندهم فحكم بشهادة أصحاب المسائل، فعلى هذا لا يجوز