تضييقا على الناس وإضرارا بهم في حفظ حقوقهم، ولان شروط الشهادة لا تختص بالمعينين فلم يجن تخصيصهم بالقول.
(فصل) ويتخذ قوما من أصحاب المسائل ليتعرف بهم أحوال من جهلت عدالته من الشهود، وينبغي أن يكونوا عدولا برآء من الشحناء بينهم وبين الناس بعداء من العصبية في نسب أو مذهب حتى لا يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية غير عدل وان يكونوا وافري العقول ليصلوا بوفور عقولهم إلى المطلوب ولا يسترسلوا فيسألوا عدوا أو صديقا، لان العدو يظهر القبيح ويخفى الجميل والصديق يظهر الجميل ويخفى القبيح، وإن شهد عنده شاهد نظرت، فإن علم عدالته قبل شهادته، وإن علم فسقه لم يقبل شهادته ويعمل في العدالة والفسق بعلمه، وإن جهل إسلامه لم يحكم حتى يسأل عن إسلامه ولا يعمل في إسلامه بظاهر الدار كما يعلم في إسلام اللقيط بظاهر الدار، لان أعرابيا شهد عند النبي صلى صلى الله عليه وسلم برؤية الهلال فلم يحكم بشهادته حتى سأل عن إسلامه، ولأنه يتعلق بشهادته إيجاب حق على غيره فلا يعمل فيه بظاهر الدار ويرجع في إسلامه إلى قوله، لان النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول الاعرابي وان جهل حريته ففيه وجهان.
(أحدهما) وهو ظاهر النص أنها تثبت بقوله، لأن الظاهر من الدار حرية أهلها كما أن الظاهر من الدار اسلام أهلها ثم يثبت الاسلام بقوله فكذلك الحرية (والثاني) وهو الأظهر أنها لا تثبت بقوله، والفرق بينها وبين الاسلام أنه يملك الاسلام إذا كان كافرا فقبل اقراره به ولا يملك الحرية إذا كان عبدا فلم يقبل اقراره بها، وان جهل عدالته لم يحكم حتى تثبت عدالته لقوله تعالى (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) ولا يعلم أنه مرضى قبل السؤال.
وروى سليمان عن حريث قال: شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال له عمر رضي الله عنه انى ليست أعرفك ولا يضرك انى لا أعرفك فأتني بمن يعرفك، فقال رجل أنا أعرفه يا أمير المؤمنين فقال بأي شئ تعرفه