صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم. وقال عبد الرحمن ابن أبي ليلى: أدركت بقايا الأنصار وهم يضربون الوليدة من ولائدهم في مجالسهم إذا زنت، وهل له أن يغربه؟ فيه وجهان (أحدهما) أنه لا يغرب الا الامام لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر، فأمر بالجلد دون النفي (والثاني) وهو المذهب أن له أن يغرب لحديث علي كرم الله وجهه، ولان ابن عمر جلد أمة له زنت ونفاها إلى فدك، ولان من ملك الجلد ملك النفي كالامام، وان ثبت عليه الحد بالبينة ففيه وجهان (أحدهما) أنه يجوز أن يقيم عليه الحد، وهو المذهب، لأنا قد جعلناه في حقه كالامام، وكذلك في إقامة الحد عليه بالبينة (والثاني) أنه لا يجوز لأنه يحتاج إلى تزكية الشهود، وذلك إلى الحاكم، فعلى هذا إذا ثبت عند الحاكم بالبينة جاز للسيد أن يقيم الحد من غير اذنه، وهل له أن يقطعه في السرقة؟ فيه وجهان. أحدهما أنه لا يملك، لأنه لا يملك من جنس القطع ويملك من جنس الجلد وهو التعزير. والثاني أنه يملك وهو المنصوص في البويطي لحديث علي كرم الله وجهه، ولان ابن عمر قطع عبدا له سرق، وقطعت عائشة رضي الله عنها أمة لها سرقت، ولأنه حد فملك السيد اقامته على مملوكه كالجلد، وله أن يقتله بالردة على قول من ملك إقامة الحد على العبد، وعلى قول من منع من القطع يجب أن لا يجوز له القتل، والصحيح أن له أن يقتله، لان حفصة رضي الله عنها قتلت أمة لها سحرتها، والقتل بالسحر لا يكون الا في كفر، ولأنه حد فملك المولى اقامته على المملوك كسائر الحدود وإن كان المولى فاسقا ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يملك إقامة الحد لأنه ولاية تثبت بالملك فلم يمنع الفسق منها كتزويج الأمة.