وإن كان نضو الخلق لا يطيق الضرب أو مريضا لا يرجى برؤه جمع مائة شمراخ فضربت به دفعة واحدة، لما روى سهل بن حنيف أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه اشتكى رجل منهم حتى أضى، فدخلت عليه جارية لبعضهم فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال من قومه يعودنه ذكر لهم ذلك وقال استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا ما رأينا بأحد من الضر مثل الذي هو به لو حملناه إليك يا رسول الله لتفسخت عظامه، ما هو الا جلد على عظم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة، ولأنه لا يمكن ضربه بالسوط لأنه يتلف به ولا يمكن تركه لأنه يؤدى إلى تعطيل الحد قال الشافعي رحمه الله ولأنه إذا كانت الصلاة تختلف باختلاف حاله فالحد بذلك أولى، وإن وجب الحد على امرأة حامل لم يقم عليها الحد حتى تضع، وقد بيناه في القصاص.
(فصل) وإن أقيم الحد في الحال التي لا تجوز فيها إقامته فهلك منه لم يضمن لان الحق قتله، وإن أقيم في الحال التي لا يجوز إقامته، فإن كانت حاملا فتلف منه الجنين وجب الضمان، لأنه مضمون فلا يسقط ضمانه بجناية غيره، وإن تلف المحدود فقد قال إذا أقيم الحد في شدة حر أو برد فهلك لا ضمان عليه.
وقال في الام إذا ختن في شدة حر أو برد فتلف وجبت على عاقلته الدية، فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة من المسئلتين إلى الأخرى وجعلهما على قولين (أحدهما) لا يجب لأنه هلك من حد (والثاني) أنه يجب لأنه مفرط، ومنهم من قال لا يجب الضمان في الحد لأنه منصوص عليه ويجب في الختان لأنه ثبت بالاجتهاد، وإن قلنا إنه يضمن ففي القدر الذي يضمن وجهان (أحدهما) أنه يضمن جميع الدية لأنه مفرط (والثاني) أنه يضمن نصف الدية لأنه مات من واجب ومحظور فسقط النصف ووجب النصف (الشرح) حديث سهل بن حنيف، الحديث عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن رجلا مقعدا زنا بامرأة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلد بأثكال النخل،