لأنه رأى أن المرأة تعرض بالغربة لأكثر من الزنا، وهذا من القياس المرسل أعني المصلحي الذي كثيرا ما يقول به مالك. وأما عمدة الحنفية فظاهر الكتاب وهو مبنى على رأيهم أن الزيادة على النص نسخ وأنه ليس ينسخ الكتاب بأخبار الآحاد. ورووا عن عمر أنه حد ولم يغرب. وروى الكوفيون عن أبي بكر وعمر أنهم غربوا.
وقالت الحنابلة: وإن زنى الحر غير المحصن جلد مائة وغرب عاما إلى مسافة قصر لان أحكام السفر من القصر والفطر لا تثبت بدونه، قاله في الكافي. وقال وحيث رأى الامام الزيادة في المسافة فله، وإن رأى الزيادة على الحول لم يجز له ذلك لان مدة الحول منصوص عليها فلم يدخلها الاجتهاد والمسافة غير منصوص عليها فرجع فيها إلى الاجتهاد. اه وتغرب امرأة مع محرم ولعموم نهيها عن السفر بلا محرم وعليها أجرته، ويغرب غريب إلى غير وطنه.
قال ابن حزم بعد أن أورد الآراء وناقش الأدلة لكل من المانعين والمجوزين هذه آثار متظاهرة رواها ثلاثة من الصحابة، عبادة بن الصامت، وأبو هريرة وزيد بن خالد الجهني بإيجاب تغريب عام مع جلد مائة على الزاني الذي لم يحصن مع اقسام النبي صلى الله عليه وسلم بالله تعالى في قضائه به أنه كتاب الله تعالى، وكتاب الله تعالى هو وحيه وحكمه، وفرق عليه السلام بين حد المملوك وحد الحر فصح النص أن على المماليك ذكورهم وإناثهم نصف حد الحر والحرة وذاك جلد خمسين ونفى ستة أشهر وقال الشوكاني في النيل: إن أحاديث التغريب قد جاوزت حد الشهرة المعتبرة عند الحنفية فيما ورد من السنة زائدا على القرآن فليس لهم معذرة عنها بذاك قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن كان الحد رجما وكان صحيحا والزمان معتدل رجم، لان الحد لا يجوز تأخيره من غير عذر، وإن كان مريضا مرضا يرجى زواله أو الزمان مسرف الحر أو البرد ففيه وجهان.