براءته لزمه ليكون حجة له في سقوط الدعوى حتى لا يطالبه بالحق مرة أخرى وان سأله أن يكتب له محضر في هذه المسائل كلها وهو أن يكتب ما جرى وما ثبت به الحق، فإن لم يكن عنده قرطاس من بيت المال ولم يأته المحكوم له بقرطاس لم يلزمه أن يكتب لان عليه ان يكتب وليس عليه أن يغرم، وإن كان عنده قرطاس من بيت المال، أو أتاه صاحب الحق بقرطاس، فهل يلزمه أن يكتب المحضر؟ فيه وجهان.
(أحدهما) أنه يلزمه لأنه وثيقة بالحق فلزمه كالاشهاد على نفسه.
(والثاني) أنه لا يلزمه لان الحق يثبت باليمين أو بالبينة دون الحضر، وان سأله أن يسجل له وهو أن يذكر ما يكتبه في المحضر ويشهد على إنفاذه ويسجل له فهل يلزم ذلك أم لا؟ على ما ذكرناه في كتب المحضر وما يكتب من المحاضر والسجلات يكتب في نسختين (أحدهما) تسلم إلى المحكوم له والأخرى تكون في ديوان الحكم، فان حضر عند القاضي رجلان لا يعرفهما وحكم بينهما ثم سأل المحكوم له كتب محضر أو سجل كتب: حضر إلى رجلان قال أحدهما انه فلان بن فلان وقال الآخر انه فلان بن فلان ويحليهما ويذكر ما جرى بينهما ويشهد على ذلك.
(فصل) وان اجتمعت عنده محاضر وسجلات كتب على كل محضر اسم المتداعيين ويضم ما اجتمع منها في كل شهر أو في كل سنة على قدر قلتها وكثرتها وضم بعضها إلى بعض ويكتب عليها محاضر شهر كذا وكذا من سنة كذا ليسهل عليه طلبته إذا احتاج إليه.
وان حضر رجلان عند القاضي فادعى أحدهما أن له في ديوان الحكم حجة على خصمه فوجدها، فإن كان حكما حكم به غيره لم يعمل به الا أن يشهد به شاهدان أن هذا حكم به فلان القاضي، ولا يرجع في ذلك إلى الخط والختم فإنه يحتمل التزوير في الخط والختم، وإن كان حكما حكم هو به فإن كان ذاكرا للحكم به عالما به عمل به وألزم الخصم حكمه، وإن كان غير ذاكر لم يعمل به لأنه يجوز أن يكون قد زور على خطه وختمه