(فصل) وإذا علم القاضي عدالة الشاهد أو فسقه عمل بعلمه في قبوله ورده، وإن علم حال المحكوم فيه نظرت، فإن كان ذلك في حق الآدمي ففيه قولان (أحدهما) أنه لا يجوز أن يحكم فيه بعلمه لقوله عليه الصلاة والسلام للحضرمي شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك، ولأنه لو كان علمه كشهادة اثنين لانعقد النكاح به وحده.
(والثاني) وهو الصحيح وهو اختيار المزني رحمه الله أن يجوز أن يحكم بعلمه لما روى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق إذا رآه أو علمه أو سمعه، ولأنه إذا جاز أن يحكم بما شهد به الشهود وهو من قولهم على ظن فلان يجوز أن يحكم بما سمعه أو رآه وهو على علم أولى، وإن كان ذلك في حق الله تعالى ففيه طريقان.
(أحدهما) وهو قول أبى العباس وأبى علي بن أبي هريرة إنها على قولين كحقوق الآدميين.
(والثاني) وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يجوز أن يحكم فيه بعلمه قولا واحد، لما روى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: لو رأيت رجلا على حد لم أحده حتى تقوم البينة عندي، ولأنه مندوب إلى ستره ودرئه.
والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم هلا سترته بثوبك يا هزال، فلم يجز الحكم فيه بعلمه.
(فصل) وإن سكت المدعى عليه ولم يقر ولم ينكر قال له الحاكم إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا، والمستحب أن يقول له ذلك ثلاثا، فإن لم يجب جعله ناكلا وحلف المدعى وقضى له، لأنه لا يخلو إذا أجاب من يقر أو ينكر، فان أقر فقد قضى عليه ما يحب على المقر، وان أنكر فقد وصل انكاره بالنكول عن اليمين فقضينا عليه بما يحب على المنكر إذا نكل عن اليمين.
(فصل) وإذا تحاكم إلى الحاكم أعجمي لا يعرف لسانه لم يقبل في الترجمة الا عدلين، لأنه اثبات قول يقف الحكم عليه فلم يقبل الا من عدلين كالاقرار وإن كان الحق مما يثبت بالشاهد والمرأتين قبل ذلك في الترجمة وإن كان مما لا يقبل