فسقه لان الحكم لا يبطل بالفسق الحادث بعده، وإن كان فيما ثبت عنده لم يجز الحكم به لأنه كشاهد الأصل، وشاهد الأصل إذا فسق قبل الحكم لم يحكم بشهادة شاهد الفرع، وإن مات القاضي المكتوب إليه أو عزل أو ولى غيره قبل الكتاب لان المعول على ما حفظه شهود الكتاب وتحملوه، ومن تحمل شهادة وجب على كل قاض أن يحكم بشهادته.
(فصل) فإن وصل الكتاب إلى المكتوب إليه فحضر الخصم وقال لست فلان بن فلان فالقول قوله مع يمينه لان الأصل أنه لا مطالبة عليه، فإن أقام المدعى بينة أنه فلان بن فلان فقال أنا فلان بن فلان الا أنى غير المحكوم عليه لم يقبل قوله إلا أن يقيم البينة أن له من يشاركه في جميع ما وصف به، لان الأصل عدم من يشاركه فلم يقبل قوله من غير بينة، وان أقام بينة أن له من يشاركه في جميع ما وصف به توقف عن الحكم حتى يعرف من المحكوم عليه منهما، وإذا حكم المكتوب إليه على المدعى عليه بالحق فقال المحكوم عليه اكتب إلى الحاكم الكاتب انك حكمت على حتى لا يدعى على ثانيا ففيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول أبي سعيد الإصطخري رحمه الله أنه يلزم لأنه لا يأمن أن يدعى ثانيا ويقيم عليه البينة فيقضى عليه ثانيا.
(والثاني) أنه لا يلزمه لان الحاكم إنما يكتب ما حكم به أو ثبت عنده والكاتب هو الذي حكم أو ثبت عنده دون المكتوب إليه (فصل) إذا ثبت عند القاضي حق بالاقرار فسأله المقر له أن يشهد على نفسه بما ثبت عنده من الاقرار لزمه ذلك لأنه لا يؤمن أن ينكر المقر فلزمه الاشهاد ليكون حجة له إذا أنكر، وان ثبت عنده الحق بيمين المدعى بعد نكول المدعى عليه فسأله المدعى أن يشهد على نفسه لزمه لأنه لا حجة للمدعى غير الاشهاد، وان ثبت عنده الحق بالبينة فسأله المدعى الاشهاد ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه لا يجب لان له بالحق بينة فلم يلزم القاضي تجديد بينة أخرى (والثاني) أنه يلزمه لان في اشهاده على نفسه تعديلا لبينته واثباتا لحقه والزاما لخصمه، فإن ادعى عليه حقا فأنكره وحلف عليه وسأله الحالف أن يشهد على