تشهد لي فهي كاذبة وطلب إحلافه فحلف ثم أقام البينة على الحق ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) أنها لا تسمع لأنه كذبها بقوله (والثاني) أنه إن كان هو الذي استوثق بالبينة لم تسمع لأنه كذبها، وإن كان غيره المستوثق بالبينة سمعت لأنه لم يعلم بالبينة فرجع قوله لا بينة لي إلى ما عنده (والثالث) أنها تسمع بكل حال وهو الصحيح لأنه يجوز أن يكون ما علم، وإن علم فلعله نسي فرجع قوله لا بينة لي إلى ما يعتقده (فصل) وان قال المدعى لي بينة بالحق لم يجز له ملازمة الخصم قبل حضورها لقوله صلى الله عليه وسلم: شاهداك أو يمينه ليس لك الا ذلك، وان شهد له شاهدان عدلان عند الحاكم وهو لا يعلم أن له دفع البينة بالجرح قال له قد شهد عليك فلان وفلان وقد ثبتت عدالتهما عندي وقد أطردتك جرحهما، وإن كان يعلم فله أن يقول وله أن يسكت، فإن قال المشهود عليه لي بينة بحرجهما نظر فإن لم يأت بها حكم عليه لما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال في كتابه إلى أبى موسى الأشعري رضي الله عنه واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهى إليه، فإن أحضر بينته أخذت له حقه والا استحللت عليه القضية فإنه أنفى للشك وأجلى العمى، ولا ينظر أكثر من ثلاثة أيام، لأنه كثير وفيه اضرار بالمدعى، وان قال لي بينة بالقضاء أو الابراء أمهل ثلاثة أيام فإن لم يأت بها حلف المدعى أنه لم يقضه ولم يبرئه ثم يقضى له لما ذكرناه وله أن يلازمه إلى أن يقيم البينة بالجرح أو القضاء لان الحق قد ثبت له في الظاهر، وان شهد له شاهدان ولم تثبت عدالتهما في الباطن فسأل المدعى أن يحبس الخصم إلى أن يسأل عن عدالة الشهود ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق وهو ظاهر المذهب أنه يحبس لأن الظاهر العدالة وعدم الفسق (والثاني) وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنه لا يحبس لأنه الأصل براءة ذمته، وان شهد له شاهد واحد وسأل أن يحبسه إلى أن يأتي بشاهد آخر ففيه قولان (أحدهما) أنه يحبس كما يحبس إذا جهل عدالة الشهود (والثاني) أنه لا يحبس وهو الصحيح لأنه لم يأت بتمام البينة، ويخالف إذا جهل عدالتهم، لان البينة تم عددها والظاهر عدالتها وقال أبو إسحاق إن كان الحق مما يقضى فيه بالشاهد واليمين حبس قولا واحدا لان الشاهد الواحد حجة فيه لأنه يحلف معه
(١٦١)