وأما جنس المسروق فإن العلماء اتفقوا على أن كل متملك غير ناطق يجوز بيعه وأخذ العوض عنه فإنه يجب في سرقته القطع ما عدا الأشياء الرطبة المأكولة والأشياء التي أصلها الإباحة فإنهم اختلفوا في ذلك فذهب الجمهور إلى أن القطع في كل متمول يجوز بيعه وأخذ العوض فيه.
وقال أبو حنيفة: لا قطع في الطعام ولا فيما أصله مباح كالصيد فعمدة الجمهور عموم الآية الموجبة للقطع وعموم الآثار الواردة في اشتراط النصاب، وعمدة أبي حنيفة في منعه القطع في الطعام الرطب قوله عليه السلام (لا قطع في ثمر ولا كثر) وعمدته أيضا في منع القطع فيما أصله مباح الشبهة التي فيه لكل مالك، وذلك أنهم اتفقوا على أن من شرط المسروق الذي يجب فيه القطع أن لا يكون للسارق فيه شبهة ملك.
واختلفوا في سرقة المصحف، فقال مالك والشافعي يقطع سارقه، وقال أبو حنيفة لا يقطع، ولعل هذا من أبي حنيفة بناء على أنه لا يجوز بيعه أو أن لكل أحد فيه حقا إذ ليس بمال.
واختلفوا فيمن سرق صغيرا مملوكا أعجميا ممن لا يفقه ولا يعقل الكلام، فقال الجمهور يقطع، وأما إن كان كبيرا يفقه، فقال مالك: يقطع، وقال أبو حنيفة: لا يقطع.
وقالت الحنابلة: فان سرق حرا صغيرا فلا قطع، لأنه ليس بمال، ثم روى عنهم أنه يقطع لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل يسرق الصبيان ثم يخرج بهم فيبيعهم في أرض أخرى فأمر بيده فقطعت) رواه الدارقطني وقال المالكيون إن سارقه (الحر الصغير) يقطع ولا يقطع عند أبي حنيفة وهو قول ابن الماجشون - واختلفوا إذا سرق العبد من مال سيده، فالجمهور على أنه لا يقطع، وقال أبو ثور يقطع، وقال أهل الظاهر يقطع إلا أن يأتمنه سيده واشترط مالك أن يكون بلى الخدمة لسيده بنفسه، والشافعي مرة اشترط هذا ومرة لم يشترطه ويدرأ الحد.