ومع ذلك فإنه يمكننا أن نجمع بين أقوال ابن معين لأنه كما في رواية عباس الدوري عنه لم يضعف روايات عمرو عموما، إلا خصوص ما رواه عن أبيه عن جده مع بقاء كونه ثقة في الرواية عن غير أبيه.
ومثله يمكننا أن نجمع بين قولي يحيى بن سعيد القطان المتقدمين، لأن قوله (إذا روى عنه الثقات فهو ثقة يحتج به) يعني به روايته عن غير أبيه عن جده، وأما قوله (حديثه عندنا واه) فلروايته عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قال أبو زرعة: روى عنه الثقات وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه عن جده، وقالوا: إنما سمع أحاديث يسيرة وأخذ صحيفة كانت عنده، فرواها وما أقل ما نصيب عنه مما روى عن غير أبيه عن جده المنكر، وعامة هذه المناكير التي تروى عنه إنما هي عن المثنى بن الصباح، وابن لهيعة والضعفاء، وهو ثقة في نفسه، إنما تكلم فيه بسبب كتاب عنده (1).
وكلام ابن زرعة - هنا - يؤيد ما استظهرناه من أن اختلاف كلام ابن معين وابن القطان إنما هو لكثرة روايته عن أبيه عن جده وبسبب كتابه أيضا، إلا أن كلامه أيضا ليس تاما فقوله (وعامة هذه المناكير التي تروى عنه إنما هي...) غير مطرد، لأن له مناكير رواها عنه الثقات أيضا، وصرح بذلك الذهبي حين قال: ويأتي الثقات عنه بما ينكر أيضا (2).
وقال ابن عدي: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا علي بن عثمان ابن نفيل، حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: كان الزهري يلعن من يحدث بهذا الحديث (ويعني به: نهيناكم عن النبيذ فانتبذوا).
فقلت لسعيد: هو يذكره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: إياه أعني (3).