الدين - ووضحوا للناس الأمر، وأسقطوا التكليف عن الخليفة وكفوه المواجهة، كما رأينا ذلك في منع الزكاة وتصدي الصحابة لنشر ما سمعوه من النبي (صلى الله عليه وآله) في مانعي الزكاة وعقوبتهم ووجوب أدائها.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نرى مؤشرات معاكسة لهذا المفروض، تدلنا على أن الخليفة هو البادئ بالخلاف، وتلك المؤشرات هي:
أ - إن الخليفة عثمان لم يصرح ولا باسم واحد من معارضيه، مما يدل على تخوفه من أمر ما.
ب - مر أنه لم يرمهم بالكذب والابتداع، بل اقتصر على وصفهم بأنهم يتحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم تجاهلهم وتجاهل مروياتهم!!
ج - إننا لم نجد حتى لأصحاب عثمان المقربين منه - كمروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة وزيد بن ثابت - دفاعات عن وضوئه، فإنهم لم يقدموا على ذلك، مع أن منهم من دافع عنه يوم الدار.
3 - إن عثمان بن عفان اتخذ أساليب غير مألوفة في إعلانه عن وضوئه الجديد، مما يؤكد وقوفه في موقف المتهم الذي يريد طرح شئ جديد، وذلك عبر النقاط التالية:
أ - إن عثمان راح يجند مواليه لنقل فكرته الوضوئية عنه، كحمران وابن دارة، مع أن حمران كان من سبي عين التمر وقد أسلم في السنة الثالثة من خلافة عثمان، وهذا يدل على أن صدور نقله للوضوء عن عثمان جاء متأخرا عن هذا التاريخ، وهو مما يؤكد صدور ابتداع الوضوء من عثمان في الست الأواخر من حكمه، شأنه شأن باقي آرائه واجتهاداته التي نقمها عليه المسلمون. وهو الذي جعل الإمام عليا يقول عنه (حتى أجهز عليه عمله).
ب - ابتداء عثمان - ولأدنى الأسباب - بتعليم الوضوء تبرعا وبدون سؤال سائل، كمسارعته لتعليم ابن دارة وضوءه الغسلي بمجرد سماع مضمضتة (1)،