واختلف النجر وتشتت الأمر، وضاق المخرج، وعمي المصدر، فالهدى خامل والعمى شامل، عصي الرحمن، ونصر الشيطان، وخذل الإيمان، فانهارت دعائمه، وتنكرت معالمه، ودرست سبله، وعفت شركه، أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه، ووردوا مناهله، بهم سارت أعلامه وقام لواؤه، في فتن داستهم بأخفافها، ووطئتهم بأظلافها، وقامت على سنابكها، فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون...).
ومنها قوله: (أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله، فإن الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل - إلى أن يقول - أيها الناس من سلك الطريق الواضح ورد الماء، ومن خالف وقع في التيه) (1).
وقال في نص آخر: (أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة...) (2) وفي آخر: (قد خاضوا بحار الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن وأرز المؤمنون، ونطق الضالون المكذبون، نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا) (3).
وفي آخر: وأخذوا يمينا وشمالا، طعنا في مسالك الغي وتركا لمذاهب الرشد.
ومن وصيته للحسن عند انصرافه من صفين: (.. وإن أبتدئك بتعليم كتاب الله عز وجل وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره، ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم، فكان إحكام ذلك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من إسلامك إلى أمر لا آمن عليك به الهلكة) (4).
وفي كلام له في سحرة اليوم الذي ضرب فيه:
(ملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي (5) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟